للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

اشْتَرَى بِكَفٍّ مِنَ الدَّرَاهِمِ لَا يَعْلَمُ وَزْنَهَا أَوْ صُبْرَةَ حِنْطَةٍ لَا يَعْلَمُ كَيْلَهَا، فَيُوزَنُ وَيُكَالُ لِيَأْخُذَ الشَّفِيعُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ غَائِبًا، فَتَبَرَّعَ الْبَائِعُ بِإِحْضَارِهِ، أَوْ أَخْبَرَ عَنْهُ، وَاعْتَمَدَ قَوْلَهُ، فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْإِحْضَارَ، وَلَا الْإِخْبَارَ عَنْهُ. وَإِنْ هَلَكَ الثَّمَنُ وَتَعَذَّرَ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، تَعَذَّرَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ. فَإِنْ أَنْكَرَ الشَّفِيعُ كَوْنَ الشِّرَاءِ بِمَا لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ، نُظِرَ، إِنْ عَيَّنَ قَدْرًا وَقَالَ: اشْتَرَيْتُ بِكَذَا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَمْ يَكُنْ قَدْرُهُ مَعْلُومًا، فَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ يُقْنَعُ مِنْهُ بِذَلِكَ، وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا يُقْنَعُ مِنْهُ وَلَا يَحْلِفُ، بَلْ إِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ، جُعِلَ نَاكِلًا وَرُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الشَّفِيعِ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ: نَسِيتُ، فَهُوَ كَالنُّكُولِ. وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا، لَكِنِ ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يَعْلَمُهُ، وَطَالَبَهُ بِالْبَيَانِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَتَّى يُعَيِّنَ قَدْرًا، فَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ [أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ. وَالثَّانِي: تُسْمَعُ، وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي] عَلَى مَا يَقُولُهُ. فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَ الشَّفِيعُ عَلَى عِلْمِ الْمُشْتَرِي، وَحُبِسَ الْمُشْتَرِي حَتَّى يُبَيِّنَ قَدْرَهُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ طَرِيقُ الشَّفِيعِ أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرًا، فَإِنْ وَافَقَهُ الْمُشْتَرِي، فَذَاكَ، وَإِلَّا حَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِهِ، فَإِنْ نَكَلَ، اسْتَدَلَّ الشَّفِيعُ بِنُكُولِهِ وَحَلَفَ عَلَى مَا عَيَّنَهُ، وَإِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي، زَادَ وَادَّعَى ثَانِيًا. وَهَكَذَا يَفْعَلُ إِلَى أَنْ يَنْكَلَ الْمُشْتَرِي، فَيَسْتَدِلُّ الشَّفِيعُ بِنُكُولِهِ وَيَحْلِفُ. وَهَذَا لِأَنَّ الْيَمِينَ قَدْ تَسْتَنِدُ إِلَى التَّخْمِينِ، وَلِهَذَا لَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ إِذَا سَكَنَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>