للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَغَوِيُّ فَقَالَ: لَا يَبْطُلُ بِالرَّدِّ كَالْعِتْقِ. فَعَلَى الصَّحِيحِ: لَوْ رَدَّ ثُمَّ رَجَعَ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: إِنْ رَجَعَ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِرَدِّهِ إِلَى غَيْرِهِ كَانَ لَهُ. وَإِنْ حَكَمَ بِهِ لِغَيْرِهِ بَطَلَ حَقُّهُ. هَذَا فِي الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، أَمَّا الْبَطْنُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ: فَنَقَلَ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ، أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ قَطْعًا، لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ لَا يَتَّصِلُ بِالْإِيجَابِ، وَنَقَلَا فِي ارْتِدَادِهِ بِرَدِّهِمْ وَجْهَيْنِ، لِأَنَّ الْوَقْفَ قَدْ ثَبَتَ وَلَزِمَ فَيَبْعُدُ انْقِطَاعُهُ، وَأَجْرَى الْمُتَوَلِّي الْخِلَافَ فِي اشْتِرَاطِ قَبُولِهِمْ، وَارْتِدَادِهِ بِرَدِّهِمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ الْحَقَّ مِنَ الْوَاقِفِ، أَمْ مِنَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ؟ إِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَقَبُولُهُمْ وَرَدُّهُمْ كَقَبُولِ الْأَوَّلِينَ وَرَدِّهِمْ، وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُمْ، وَرَدُّهُمْ كَالْمِيرَاثِ، وَهَذَا أَحْسَنُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ لَا يَتَّصِلَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْإِيجَابِ مَعَ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ، كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ.

الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي شُرُوطِ الْوَقْفِ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ.

الْأَوَّلُ: التَّأْبِيدُ، بِأَنْ يَقِفَ عَلَى مَنْ لَا يَنْقَرِضُ، كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، أَوْ عَلَى مَنْ يَنْقَرِضُ، ثُمَّ عَلَى مَنْ لَا يَنْقَرِضُ، كَقَوْلِهِ: وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَقِبِهِ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاجِدِ، وَالرُّبُطِ، وَالْقَنَاطِرِ، كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، فَإِنْ عَيَّنَ مَسَاجِدَ، أَوْ قَنَاطِرَ، فَوَجْهَانِ. وَفِي مَعْنَى الْفُقَرَاءِ الْعُلَمَاءُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ خِلَافُهُ، لِأَنَّهُمْ قَدْ يَنْقَطِعُونَ.

فَصْلٌ

لَوْ قَالَ: وَقَفْتُ هَذَا سَنَةً، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْوَقْفَ بَاطِلٌ. وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَيَنْتَهِي بِانْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، وَقِيلَ: الْوَقْفُ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ لَا يَفْسُدُ بِالتَّوْقِيتِ كَالْعِتْقِ، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ، وَمَنْ تَابَعَهُ. وَفِي مُطْلَقِ الْوَقْفِ قَوْلٌ آخَرُ سَنَحْكِيهِ فِي الْهِبَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>