للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَالْغَنِيمَةِ. وَالْأَصَحُّ جَرَيَانُ هَذَا الْحُكْمِ، سَوَاءٌ قُلْنَا: لِلْمَصَالِحِ أَوْ لِلْمُرْتَزِقَةِ، لِتَبْقَى الرَّقَبَةُ مُؤَبَّدَةً، وَيَنْتَفِعُ بِغَلَّتِهَا الْمُسْتَحِقُّ كُلَّ عَامٍ، بِخِلَافِ الْمَنْقُولَاتِ، فَإِنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْهَلَاكِ، وَالْغَنِيمَةُ بَعِيدَةٌ عَنْ نَظَرِ الْإِمَامِ وَاجْتِهَادِهِ، لِتَأَكُّدِ حَقِّ الْغَانِمِينَ. فَإِذَا قُلْنَا بِالْوَقْفِ، فَوَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْمُرَادُ بِهِ التَّوَقُّفُ عَنْ قِسْمَةِ الرَّقَبَةِ، دُونَ الْوَقْفِ الشَّرْعِيِّ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ الْوَقْفُ الشَّرْعِيُّ لِلْمَصْلَحَةِ. فَعَلَى هَذَا، وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْحُصُولِ، كَمَا يَرِقُّ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ بِالْأَسْرِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا، لَكِنَّ الْإِمَامَ يَقِفُهَا. وَإِنْ رَأَى قِسْمَتَهَا أَوْ بَيْعَهَا وَقِسْمَةَ ثَمَنِهَا، فَلَهُ ذَلِكَ.

وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هِيَ وَقْفٌ، أَيْ: تُجْعَلُ وَقْفًا. وَأَمَّا خُمُسُهُ، فَسَهْمُ الْمَصَالِحِ لَا سَبِيلَ إِلَى قِسْمَتِهِ، بَلْ يُوقَفُ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ فِي الْمَصَالِحِ، أَوْ يُبَاعُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ إِلَيْهَا، وَالْوَقْفُ أَوْلَى وَيَجِيءُ الْوَجْهُ السَّابِقُ، أَنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْحُصُولِ. وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ، تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ. وَسَهْمُ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ يُرَتَّبُ عَلَى سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى. إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ وَقْفٌ، فَهُنَا أَوْلَى، وَلِأَنَّ ذَوِي الْقُرْبَى مُتَعَيِّنُونَ، وَإِلَّا، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ وَقْفٌ. وَقِيلَ: لَا.

وَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ الِاخْتِلَافَاتِ فِي الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ، ثُمَّ فِي الْخُمُسِ، عَلِمْتَ أَنَّ الْمَذْهَبَ؛ أَنَّ الْجَمِيعَ وَقْفٌ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

فَصْلٌ

إِذَا زَادَتِ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى حَاجَاتِ الْمُرْتَزِقَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، صُرِفَ الْفَاضِلُ إِلَيْهِمْ أَيْضًا عَلَى قَدْرِ مَئُونَاتِهِمْ. وَفِي جَوَازِ صَرْفِ شَيْءٍ مِنْهُ إِلَى إِصْلَاحِ الْحُصُونِ وَإِلَى الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ لِيَكُونَ عُدَّةً لَهُمْ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ. فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهَا لِلْمَصَالِحِ، صُرِفَ الْفَاضِلُ إِلَى بَاقِي الْمَصَالِحِ، كَإِصْلَاحِ الْحُصُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>