للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْعَاقِدَانِ، وَهُمَا الْمُوجِبُ، وَالْقَابِلُ. فَالْقَابِلُ: هُوَ الزَّوْجُ وَمَنْ يَنُوبُ عَنْهُ. وَالْمُوجِبُ: هُوَ الْوَلِيُّ أَوْ وَكِيلُهُ، وَلَا تَصِحُّ عِبَارَةُ الْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ إِيجَابًا وَقَبُولًا. فَلَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَلَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَا غَيْرَهَا، لَا بِوَلَايَةٍ وَلَا وِكَالَةٍ، (وَلَا يُقْبَلُ النِّكَاحُ لَا بِوَلَايَةٍ وَلَا وِكَالَةٍ) . وَلَوْ وَكَّلَ بِنْتَهُ بِأَنْ تُوَكِّلَ رَجُلًا بِتَزْوِيجِهَا، فَوَكَّلَتْ، نَظَرٌ، إِنْ قَالَ: وَكِّلِي عَنْ نَفْسِكِ، لَمْ يَصِحَّ. وَإِنْ قَالَ: وَكِّلِي عَنِّي، أَوْ أُطَلِّقُ، فَوَجْهَانِ.

فَرْعٌ

رَوَى يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: إِذَا كَانَ فِي الرُّفْقَةِ امْرَأَةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا، فَوَلَّتْ أَمْرَهَا رَجُلًا حَتَّى يُزَوِّجَهَا، جَازَ، وَلَيْسَ هَذَا قَوْلًا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، لِأَنَّ أَبَا عَاصِمٍ الْعَبَّادِيَّ حَكَى هَذَا النَّصَّ فِي طَبَقَاتِ الْفُقَهَاءِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَنْكَرَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَهُ، وَقَالَ: إِنَّهُ تَحْكِيمٌ، وَالْمُحَكَّمُ قَامَ مَقَامَ الْحَاكِمِ.

قُلْتُ: ذَكَرَ صَاحِبُ (الْحَاوِي) فِيمَا إِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ وَلِيٌّ وَلَا حَاكِمٌ، ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: لَا تُزَوِّجُ. وَالثَّانِي: تُزَوِّجُ نَفْسَهَا لِلضَّرُورَةِ. وَالثَّالِثُ: تُوَلِّي أَمْرَهَا رَجُلًا يُزَوِّجُهَا. وَحَكَى الشَّاشِيُّ أَنَّ صَاحِبَ (الْمُهَذَّبِ) كَانَ يَقُولُ فِي هَذَا: تُحَكِّمُ فَقِيهًا مُجْتَهِدًا، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّحْكِيمِ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ فِي جَوَازِهِ فِي النِّكَاحِ، وَلَكِنَّ شَرْطَ الْحَكَمِ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ، وَهَذَا يُعْتَبَرُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ. فَالَّذِي نَخْتَارُهُ، صِحَّةُ النِّكَاحِ إِذَا وَلَّتْ أَمْرَهَا عَدْلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ الَّذِي نَقَلَهُ يُونُسُ، وَهُوَ ثِقَةٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>