للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَعَلَى هَذَا، هَلْ يَخْتَصُّ هَذَا الْوَجْهُ بِمَا إِذَا اقْتَرَعُوا مِنْ غَيْرِ ارْتِفَاعٍ إِلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي، أَمْ يَخْتَصُّ بِقُرْعَةٍ يُنْشِئُهَا الْقَاضِي؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا أَذِنَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الِانْفِرَادِ، أَوْ قَالَتْ: أَذِنْتُ فِي فُلَانٍ، فَمَنْ شَاءَ مِنْ أَوْلِيَائِي فَلْيُزَوِّجْنِي بِهِ. وَلَوْ قَالَتْ: زَوِّجُونِي، اشْتُرِطَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَتْ: رَضِيتُ أَنْ أُزَوَّجَ، أَوْ رَضِيتُ بِفُلَانٍ زَوْجًا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لِأَحَدٍ تَزْوِيجُهَا، لِأَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ لِجَمِيعِهِمْ إِذْنًا عَامًّا، وَلَا خَاطَبَتْ وَاحِدًا، فَصَارَ كَقَوْلِهَا: رَضِيتُ أَنْ يُبَاعَ مَالِي. وَأَصَحُّهُمَا: يَصِحُّ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ تَزْوِيجُهَا، لِأَنَّهُمْ مُتَعَيِّنُونَ شَرْعًا، وَالشَّرْطُ رِضَاهَا وَقَدْ وُجِدَ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ عَيَّنَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَاحِدًا، فَفِي انْعِزَالِ الْبَاقِينَ وَجْهَانِ. وَقَطَعَ فِي الرَّقْمِ بِالِانْعِزَالِ، وَقَطَعَ الْبَغَوِيُّ بِخِلَافِهِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ عَدَمُ الِانْعِزَالِ، وَغَلَّطَ الشَّاشِيُّ مَنْ قَالَ بِالِانْعِزَالِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَصْلٌ

إِذَا أَذِنَتْ لِأَحَدِ الْوَلِيَّيْنِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِزَيْدٍ، وَلِلْآخَرِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِعَمْرٍو، وَأَطْلَقَتِ الْإِذْنَ، وَصَحَّحْنَاهُ، فَزَوَّجَ وَاحِدٌ زَيْدًا، وَآخَرُ عَمْرًا، أَوْ وَكَّلَ الْوَلِيُّ الْمُجْبَرُ رَجُلًا، فَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ زَيْدًا، وَالْوَكِيلُ عَمْرًا، أَوْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ، فَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا زَيْدًا، وَالْآخَرُ عَمْرًا، فَلِلْمَسْأَلَةِ خَمْسُ صُوَرٍ. إِحْدَاهَا: أَنْ يَسْبِقَ أَحَدُ النِّكَاحَيْنِ وَنَعْلَمُهُ، فَهُوَ الصَّحِيحُ. وَالثَّانِي بَاطِلٌ، سَوَاءٌ دَخَلَ الثَّانِي، أَمْ لَا، وَإِنَّمَا يُعْلَمُ السَّبْقُ بِالْبَيِّنَةِ أَوِ التَّصَادُقِ.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقَعَا مَعًا، فَبَاطِلَانِ. وَلَوِ اتَّحَدَ الْخَاطِبُ، وَأَوْجَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْوَلِيَّيْنِ النِّكَاحَ لَهُ مَعًا، صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيَتَقَوَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْإِيجَابَيْنِ بِالْآخَرِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>