للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

كُلُّ امْرَأَتَيْنِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي النِّكَاحِ، يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، لَكِنْ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي نَفْسِ الْمِلْكِ. فَإِذَا اشْتَرَى أُخْتَيْنِ أَوِ امْرَأَةً وَعَمَّتَهَا أَوْ خَالَتَهَا مَعًا، أَوْ مُتَعَاقِبَتَيْنِ، صَحَّ الشِّرَاءُ، وَلَهُ وَطْءُ أَيَّتِهِمَا شَاءَ.

فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً، حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأُخْرَى، لَكِنْ لَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ، لِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا إِلَى اسْتِبَاحَتِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ أُخْتَهُ مِنَ الرَّضَاعِ وَهِيَ مِلْكُهُ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ عَلَى قَوْلٍ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُهَا بِحَالٍ، ثُمَّ الثَّانِيَةُ تَبْقَى حَرَامًا كَمَا كَانَتْ، وَالْأُولَى حَلَالًا كَمَا كَانَتْ، فَلَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَطَأَ الْأُولَى حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الثَّانِيَةَ.

وَعَنْ أَبِي مَنْصُورِ بْنِ مِهْرَانَ أُسْتَاذِ الْأُودَنِيِّ، أَنَّهُ إِذَا أَحْبَلَ الثَّانِيَةَ، حَلَّتْ، وَحَرُمَتِ الْأُولَى، وَهُوَ غَرِيبٌ، ثُمَّ لَا تَزَالُ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، حَتَّى يُحَرِّمَ الْمَوْطُوءَةَ عَلَى نَفْسِهِ، إِمَّا بِإِزَالَةِ مِلْكٍ، كَبَيْعِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا، أَوْ هِبَةٍ مَعَ الْإِقْبَاضِ، أَوْ بِالْإِعْتَاقِ، وَإِمَّا بِإِزَالَةِ الْحِلِّ بِالتَّزْوِيجِ أَوِ الْكِتَابَةِ، وَلَا يَكْفِي الْحَيْضُ وَالْإِحْرَامُ وَالْعِدَّةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ عَارِضَةٌ لَمْ تُزِلِ الْمِلْكَ وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ، فَكَذَا الرِّدَّةُ لَا تُبِيحُ الْأُخْرَى، فَكَذَا الرَّهْنُ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، فَحَيْثُ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ الْوَطْءُ، لَا تَحِلُّ بِهِ الثَّانِيَةُ، وَحَيْثُ لَا يَجُوزُ وَجْهَانِ. قَالَ الْإِمَامُ: الْوَجْهُ عِنْدِي الْقَطْعُ بِالْحِلِّ، وَلَا يَكْفِي اسْتِبْرَاءُ الْأُولَى، لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ الْفِرَاشَ. وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، أَنَّ الْقِيَاسَ الِاكْتِفَاءُ، لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ. وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ قَالَ: غَلِطَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَقَالَ: إِذَا قَالَ: حَرَّمْتُهَا عَلَى نَفْسِي، حَرُمَتْ عَلَيْهِ، وَحَلَّتِ الْأُخْرَى.

ثُمَّ إِذَا حَرَّمَهَا بِالْأَسْبَابِ الْمُؤَثِّرَةِ، فَعَادَ الْحِلُّ، بِأَنْ بَاعَهَا، فَرُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ إِقَالَةٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>