للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

فِي الْأَنْكِحَةِ الْجَارِيَةِ فِي الشِّرْكِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، كَذَا نَقَلَهَا الْأَكْثَرُونَ، وَسَمَّاهَا الْغَزَالِيُّ أَقْوَالًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ)

[اللَّهَبِ: ٤] (وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ)

[الْقَصَصِ: ٩] وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إِلَيْنَا لَمْ نُبْطِلْهُ قَطْعًا، وَلَمْ نُفَرِّقْ بَيْنَهُمْ، وَإِذَا أَسْلَمُوا أَقْرَرْنَاهُمْ، وَالْفَاسِدُ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا وَلَا يُقَرَّرُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا فَاسِدَةٌ، لِعَدَمِ مُرَاعَاتِهِمُ الشُّرُوطَ، لَكِنْ لَا نُفَرِّقُ لَوْ تَرَافَعُوا، رِعَايَةً لِلْعَهْدِ وَالذِّمَّةِ، وَنُقِرُّهُمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ تَخْفِيفًا.

وَالثَّالِثُ: لَا نَحْكُمُ بِصِحَّةٍ وَلَا فَسَادٍ، بَلْ نَتَوَقَّفُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَمَا قُرِّرَ عَلَيْهِ، بَانَتْ صِحَّتُهُ، وَمَا لَا، فَفَسَادُهُ. وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ قَطَعَ بِالصِّحَّةِ. وَإِذَا ثَبَتَ الْخِلَافُ، فَهَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالْعُقُودِ الَّتِي يُحْكَمُ بِفَسَادِ مِثْلِهَا فِي الْإِسْلَامِ؟ أَمْ يَجْرِي فِي كُلِّ عُقُودِهِمْ؟ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ: التَّخْصِيصُ. وَقَالَ الْإِمَامُ: مَنْ يَحْكُمُ بِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ، يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ مَا عَقَدُوهُ بِشُرُوطِنَا وَغَيْرِهِ. وَالْمَصِيرُ إِلَى بُطْلَانِ نِكَاحٍ يُعْقَدُ عَلَى وَفْقِ الشَّرَائِعِ كُلِّهَا، مَذْهَبٌ لَا يَعْتَقِدُهُ ذُو حَاصِلٍ.

قُلْتُ: الصَّوَابُ التَّخْصِيصُ، بَلْ لَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ بِطَرْدِهِ فِي الْجَمِيعِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ إِثْبَاتُ نَقْلِ طَرْدِهِ، وَإِنَّمَا أَلْزَمَهُ إِلْزَامًا لَهُمُ الِانْفِصَالُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ إِخْلَالُهُمْ بِالشُّرُوطِ، فَإِنْ تُصُوِّرَ عِلْمُنَا بِاجْتِمَاعِهَا، حَكَمْنَا بِالصِّحَّةِ قَطْعًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَيُبْنَى عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ مَسْأَلَتَانِ.

إِحْدَاهُمَا: طَلَّقَ كَافِرٌ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَا. فَإِنْ قُلْنَا بِالصَّحِيحِ وَهُوَ صِحَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>