للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطَّرَفُ الْخَامِسُ: فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ. أَمَّا تَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَسَبَقَ بَيَانُهُ، وَأَمَّا التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ، فَيُنْظَرُ، إِنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ الزَّوْجَةِ مُخَاطَبَةً، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ، اشْتُرِطَ مَشِيئَتُهَا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ، كَمَا سَبَقَ فِي «كِتَابِ الْخُلْعِ» ، فَإِنْ أَخَّرَتْ، لَمْ تَقَعْ، وَفِيهِ قَوْلٌ شَاذٌّ ذَكَرْنَاهُ فِي «كِتَابِ الْخُلْعِ» . وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: إِنْ شِئْتَ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَشِيئَتُهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَقِيلَ: كَالزَّوْجَةِ، وَرَجَّحَهُ الْمُتَوَلِّي. وَلَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا لَا مُخَاطَبَةً، فَقَالَ: زَوْجَتِي طَالِقٌ إِنْ شَاءَتْ، لَمْ تُشْتَرَطِ الْمَشِيئَةُ عَلَى الْفَوْرِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ قَوْلُهَا: شِئْتُ فِي الْحَالِ إِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً، وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً، فَتُبَادِرُ بِهَا إِذَا بَلَغَهَا الْخَبَرُ. وَلَوْ قَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إِذَا شَاءَ زَيْدٌ، لَمْ يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ بِالِاتِّفَاقِ. وَلَوْ قَالَ: إِنْ شِئْتِ وَشَاءَ فُلَانٌ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، اشْتُرِطَ مَشِيئَتُهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَفِي مَشِيئَةِ فُلَانٍ الْوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ.

فَصْلٌ

عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا أَوْ مَشِيئَةِ غَيْرِهَا، فَقَالَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَةِ الزَّوْجِ: شِئْتُ إِنْ شِئْتِ، أَوْ إِنْ شَاءَ فُلَانٌ، فَقَالَ الزَّوْجُ أَوْ فُلَانٌ: شِئْتُ، أَوْ قَالَ: شِئْتُ غَدًا، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ، لِأَنَّهُ عَلَّقَ عَلَى مَشِيئَةِ مَجْزُومٍ بِهَا، وَلَمْ تَحْصُلْ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا: أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْمَشِيئَةِ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ إِذَا قَالَ الزَّوْجُ: شِئْتُ، وَهَذَا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ. وَلَوْ شَاءَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ بِلِسَانِهِ وَهُوَ كَارِهٌ بِقَلْبِهِ، طُلِّقَتْ فِي الظَّاهِرِ، وَفِي الْبَاطِنِ وَجْهَانِ، قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ الْأَبِيوَرْدِيُّ: لَا يَقَعُ، كَمَا لَوْ أَخْبَرَتْ بِالْحَيْضِ كَاذِبَةً، وَإِلَى هَذَا مَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَقَالَ الْقَفَّالُ: يَقَعُ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِي الْحَقِيقَةِ بِلَفْظِ الْمَشِيئَةِ.

قُلْتُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» : الْأَصَحُّ الْوُقُوعُ بَاطِنًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>