للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

تَحْتَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ: مَنْ بَشَّرَتْنِي مِنْكُنَّ بِكَذَا، فَهِيَ طَالِقٌ، فَبَشَّرَتْهُ وَاحِدَةٌ بَعْدَ أُخْرَى، طُلِّقَتِ الْأُولَى فَقَطْ، لِأَنَّ الْبِشَارَةَ الْخَبَرُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ شَاهَدَ هُوَ الْحَالَ قَبْلَ أَنْ تُخْبِرَهُ، فَاتَتِ الْبِشَارَةُ، وَلَوْ بَشَّرَهُ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ ذَكَرَتْهُ لَهُ إِحْدَاهُنَّ، لَمْ تُطَلَّقْ. وَحَكَى الْفُورَانِيُّ وَجْهًا، أَنَّ الْبِشَارَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ، بَلْ هِيَ كَقَوْلِهِ: مَنْ أَخْبَرَتْنِي بِكَذَا، وَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ بَشَّرَتْهُ امْرَأَتَانِ مَعًا، فَالْمَنْقُولُ أَنَّهُمَا تُطَلَّقَانِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: مَنْ أَكَلَتْ مِنْكُمَا هَذَا الرَّغِيفَ، فَهِيَ طَالِقٌ فَأَكَلَتَاهُ، لَمْ تُطَلَّقَا.

قُلْتُ: الصَّوَابُ، أَنَّهُمَا تُطَلَّقَانِ، وَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ، لِأَنَّهُ لَمْ تَأْكُلْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَأَمَّا الْبِشَارَةُ، فَلَفْظٌ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ، لَا يَنْحَصِرُ فِي وَاحِدَةٍ، فَإِذَا بَشَّرَتَاهُ مَعًا، صَدَقَ اسْمُ الْبِشَارَةِ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، فَطُلِّقَتَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُشْتَرَطُ فِي الْبِشَارَةِ الصِّدْقُ، فَلَوْ قَالَتْ وَاحِدَةٌ: كَانَ كَذَا، وَهِيَ كَاذِبَةٌ، [ثُمَّ] ذَكَرَتْهُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ صَادِقَةٌ، طُلِّقَتِ الثَّانِيَةُ دُونَ الْأُولَى، وَتَحْصُلُ الْبِشَارَةُ بِالْمُكَاتَبَةِ، كَمَا تَحْصُلُ بِاللَّفْظِ، وَلَوْ أَرْسَلَتْ رَسُولًا، لَمْ تُطَلَّقْ، لِأَنَّ الْمُبَشِّرَ هُوَ الرَّسُولُ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ.

فَرْعٌ

قَالَ: مَنْ أَخْبَرَتْنِي مِنْكُمَا بِكَذَا، فَهِيَ طَالِقٌ، فَلَفْظُ الْخَبَرِ يَقَعُ عَلَى الْكَذِبِ وَالصِّدْقِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا أَخْبَرَتَاهُ صَادِقَتَيْنِ أَوْ كَاذِبَتَيْنِ مَعًا، أَوْ عَلَى التَّرْتِيبِ، طُلِّقَتَا جَمِيعًا، وَسَوَاءٌ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَتْنِي مِنْكُمَا بِقُدُومِ زَيْدٍ، أَوْ مَنْ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ زَيْدًا قَدِمَ، أَوْ بِأَنَّ زِيدًا قَدِمَ، وَحُكِيَ وَجْهٌ، فِيمَا إِذَا قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>