للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِجَرَيَانِهِ، وَفِيهِ وَفِي نَظَائِرِهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ بِسَبَبِ الْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ رَاكِدًا، فَالطَّرِيقُ أَنْ يَحْمِلَهَا إِنْسَانٌ فِي الْحَالِ.

فَرْعٌ

لَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِي مِثْلِ هَذِهِ التَّعْلِيقَاتِ إِلَى وَضْعِ اللِّسَانِ، وَإِلَى مَا يَسْبِقُ إِلَى الْفَهْمِ فِي الْعُرْفِ الْغَالِبِ، فَإِنْ تَطَابَقَ الْعُرْفُ وَالْوَضْعُ، فَذَاكَ، وَإِنِ اخْتَلَفَا، فَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَمِيلُ إِلَى اعْتِبَارِ الْوَضْعِ، وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يَرَيَانِ اتِّبَاعَ الْعُرْفِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ أَمْثِلَةُ هَذَا.

فَصْلٌ

فِي مَسَائِلَ تَجْرِي فِي مُخَاصَمَةِ الزَّوْجَيْنِ وَمُشَاتَمَتِهِمَا

وَأَغْلَبُ مَا تَقَعُ إِذَا وَاجَهَتْ زَوْجَهَا بِمَكْرُوهٍ، فَيَقُولُ عَلَى سَبِيلِ الْمُكَافَأَةِ: إِنْ كُنْتِ كَذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، يُرِيدُ أَنْ يَغِيظَهَا بِالطَّلَاقِ كَمَا غَاظَتْهُ بِالشَّتْمِ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: تَزْعُمِينَ أَنِّي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا قَالَتْ لَهُ: يَا خَسِيسُ. فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ كَذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، نُظِرَ، إِنْ أَرَادَ الْمُكَافَأَةَ كَمَا ذَكَرْنَا، طُلِّقَتْ، سَوَاءٌ كَانَ خَسِيسًا أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ، لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا بِوُجُودِ الْخِسَّةِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ: الْخَسِيسُ: مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ، وَأَخَسُّ الْأَخِسَّاءِ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: الْخَسِيسُ: مَنْ يَتَعَاطَى فِي الْعُرْفِ مَا لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ لِشِدَّةِ بُخْلِهِ، فَإِنْ شَكَّ فِي وُجُودِ الصِّفَةِ - وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ كَثِيرًا فِي مَسَائِلِ الشَّتْمِ وَالْإِيذَاءِ - فَالْأَصْلُ أَنْ لَا طَلَاقَ، وَإِنْ أَطْلَقَ اللَّفْظَ وَلَمْ يَقْصَدِ الْمُكَافَأَةَ، وَلَا حَقِيقَةَ اللَّفْظِ، فَهُوَ لِلتَّعْلِيقِ.

فَإِنْ عَمَّ الْعُرْفُ بِالْمُكَافَأَةِ، كَانَ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي أَنَّهُ يُرَاعِي الْوَضْعَ أَوِ الْعُرْفَ، وَالْأَصَحُّ وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ، فَإِنَّ الْعُرْفَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ فِي مِثْلِ هَذَا، وَأَجَابَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِمُقْتَضَى الْوَجْهِ الْآخَرِ، وَلَوْ قَالَتْ: يَا سَفِيهُ فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ كَذَلِكَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ، طُلِّقَتْ إِنْ كَانَ سَفِيهًا، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَعَلَى الْخِلَافِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>