للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهِيَ مَجْنُونَةٌ، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: لَا تُطَلَّقُ. وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، أَنَّهَا تُطَلَّقُ.

وَالظَّاهِرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى حِنْثِ النَّاسِي وَأَمَّا كَلَامُهَا فِي سُكْرِهَا، فَتُطَلَّقُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، إِلَّا إِذَا انْتَهَتْ إِلَى السَّكْرَانِ الطَّافِحِ. وَلَوْ خَفَضَتْ صَوْتَهَا بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ وَهُوَ الْهَمْسُ، لَمْ تُطَلَّقْ وَإِنْ وَقَعَ فِي سَمْعِهِ شَيْءٌ وَفَهِمَ الْمَقْصُودَ اتِّفَاقًا، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: كَلَّمَتْهُ، وَلَوْ نَادَتْهُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهَا الصَّوْتُ، لَمْ تُطَلَّقْ، وَلَوْ حَمَلَتِ الرِّيحُ كَلَامَهَا وَوَقَعَ فِي سَمْعِهِ، فَقَدْ أَشَارَ الْإِمَامُ إِلَى تَرَدُّدٍ فِيهِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ. وَإِنْ كَانَتِ الْمَسَافَةُ بِحَيْثُ يُسْمَعُ فِيهَا الصَّوْتُ، فَلَمْ يَسْمَعْ لِذُهُولٍ أَوْ شَغْلٍ طُلِّقَتْ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ لِعَارِضِ لَغَطٍ أَوْ رِيحٍ، أَوْ لِصَمَمٍ بِهِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: تُطَلَّقُ، وَبِهِ أَجَابَ الرُّويَانِيُّ، وَكَذَا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي صُورَةِ اللَّغَطِ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ: لَا طَلَاقَ حَتَّى يَرْتَفِعَ الصَّوْتُ بِقَدْرِ مَا يَسْمَعُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ مَعَ ذَلِكَ الْعَارِضِ، فَحِينَئِذٍ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَرَأَى الْإِمَامُ الْقَطْعَ بِالْوُقُوعِ إِذَا كَانَ اللَّغَطُ بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَ مَعَهُ الْإِصْغَاءُ لَأَمْكَنَ السَّمَاعُ، وَكَذَا فِي تَكْلِيمِ الْأَصَمِّ إِذَا كَانَ وَجَّهَهُ إِلَيْهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يُكَلِّمُهُ، وَقَطَعَ الْحَنَّاطِيُّ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ إِذَا كَانَ الصُّمُّ بِحَيْثُ يَمْنَعُ السَّمَاعَ، وَحَكَى قَوْلَيْنِ فِيمَا إِذَا قَالَ: إِنْ كَلَّمَتْ نَائِمًا أَوْ غَائِبًا عَنِ الْبَلَدِ، هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا تُطَلَّقُ حَتَّى تُخَاطِبَهُ مُخَاطَبَةَ الْمُكَلِّمِينَ، وَبِنَحْوٍ مِنْهُ أَجَابَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِيمَا إِذَا قَالَ: إِنْ كَلَّمَتْ مَيِّتًا أَوْ حِمَارًا.

فَصْلٌ

إِذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلِ شَيْءٍ، فَفَعَلَهُ وَهُوَ مُكْرَهٌ، أَوْ نَاسٍ لِلتَّعْلِيقِ، أَوْ جَاهِلٌ بِهِ، فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَوْلَانِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا، أَنَّ الْأَظْهَرَ فِي الْأَيْمَانِ، أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ النَّاسِي وَالْمُكْرَهُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>