للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنَ الصَّوْمِ، لَمْ يَلْزَمْهُ الرُّجُوعُ إِلَى الْإِعْتَاقِ قَطْعًا. وَلَوْ كَانَ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَاجِزًا عَنِ الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ، فَأَيْسَرَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، فَإِنِ اعْتَبَرْنَا حَالَةَ الْوُجُوبِ، فَفَرْضُهُ الْإِطْعَامُ، وَإِلَّا فَالْإِعْتَاقُ.

فَصْلٌ

الْعَبْدُ لَا يُمَلَّكُ بِغَيْرِ تَمْلِيكِ سَيِّدِهِ قَطْعًا، وَلَا بِتَمْلِيكِهِ عَلَى الْجَدِيدِ الْأَظْهَرِ، فَعَلَى هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ التَّكْفِيرُ بِالْإِعْتَاقِ وَالْإِطْعَامِ. وَإِنْ قُلْنَا: يُمَلَّكُ، فَمَلَّكَهُ طَعَامًا لِيُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ، جَازَ، وَعَلَيْهِ التَّكْفِيرُ بِمَا مَلَكَهُ، وَإِنْ مَلَّكَهُ عَبْدًا لِيُعْتِقَهُ عَنْهَا، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ، وَلَيْسَ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ إِثْبَاتِ الْوَلَاءِ. وَعَنْ صَاحِبِ «التَّقْرِيبِ» أَنَّهُ يَصِحُّ إِعْتَاقُهُ، وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ. وَعَنِ الْقَفَّالِ تَخْرِيجُ قَوْلِ: أَنَّهُ يَصِحُّ إِعْتَاقُهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ، وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ، إِنْ عَتَقَ، فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ دَامَ رِقُّهُ، فَلِسَيِّدِهِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.

وَأَمَّا تَكْفِيرُهُ بِالصَّوْمِ، فَإِنْ جَرَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْكَفَّارَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، بِأَنْ حَلَفَ وَحَنِثَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لَمْ يَصُمْ إِلَّا بِإِذْنِهِ، لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْكَفَّارَةُ عَلَى التَّرَاخِي، بِخِلَافِ صَوْمِ رَمَضَانَ، فَإِنْ شَرَعَ فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، كَانَ لَهُ تَحْلِيلُهُ، وَإِنْ جَرَى بِإِذْنِهِ بِأَنْ حَلَفَ بِإِذْنِهِ وَحَنِثَ بِإِذْنِهِ، صَامَ وَلَا حَاجَةَ إِلَى إِذْنِهِ. وَإِنْ حَلَفَ بِإِذْنِهِ وَحَنِثَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالصَّوْمِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي عَكْسِهِ يَسْتَقِلُّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَحَيْثُ قُلْنَا: يَسْتَقِلُّ، فَسَوَاءٌ طَوِيلُ النَّهَارِ وَقَصِيرُهُ، وَالْحَرُّ الشَّدِيدُ وَغَيْرُهُ، وَحَيْثُ قُلْنَا: يَحْتَاجُ إِلَى الْإِذْنِ، فَذَلِكَ فِي صَوْمٍ يُوجِبُ ضَعْفًا لِشِدَّةِ حَرٍّ وَطُولِ نَهَارٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَفِيهِ خِلَافٌ نَذْكُرُهُ فِي «كِتَابِ الْأَيْمَانِ» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْأَصَحُّ، أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ، هَذَا حُكْمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. قَالَ فِي «الْوَسِيطِ» : وَمَنْعُهُ مِنْ صَوْمِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْعَبْدِ بِدَوَامِ التَّحْرِيمِ.

قُلْتُ: وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَخَالَفَ وَصَامَ، أَثِمَ وَأَجْزَأَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>