للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرَّابِعَةُ: التَّتَابُعُ فِي الصَّوْمِ وَاجِبٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، فَلَوْ وَطِئَ الْمَظَاهِرُ بِاللَّيْلِ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرَيْنِ، عَصَى بِتَقْدِيمِ التَّكْفِيرِ، وَلَكِنْ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ.

وَلَوْ أَفْسَدَ صَوْمَ الْيَوْمِ الْآخَرِ أَوْ غَيْرِهِ، لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُ الشَّهْرَيْنِ. وَهَلْ يُحْكَمُ بِفَسَادِ مَا مَضَى، أَمْ يَنْقَلِبُ نَفْلًا؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِيمَا إِذَا نَوَى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَظَائِرِهِ. وَالْحَيْضُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالْوِقَاعِ فِي رَمَضَانَ إِنْ لَزِمَتْهَا كَفَّارَةٌ، فَتَبْنِي إِذَا طَهُرَتْ، وَالنِّفَاسُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عَلَى الصَّحِيحِ، كَالْحَيْضِ. وَقِيلَ: يَقْطَعُهُ لِنُدْرَتِهِ، حَكَاهُ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ. وَالْفِطْرُ بِعُذْرِ الْمَرَضِ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَهُوَ الْجَدِيدُ، لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الصَّوْمَ، وَإِنَّمَا قَطَعَهُ بِفِعْلِهِ، بِخِلَافِ الْحَيْضِ، وَالْجُنُونُ كَالْحَيْضِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: كَالْمَرَضِ، وَالْإِغْمَاءُ كَالْجُنُونِ. وَقِيلَ: كَالْمَرَضِ. وَأَمَّا الْفِطْرُ بِالسَّفَرِ، وَفِطْرُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ خَوْفًا عَلَى الْوَلَدِ، فَقِيلَ: كَالْمَرَضِ. وَقِيلَ: يَقْطَعُ قَطْعًا، لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ.

قُلْتُ: أَطْلَقَ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْحَيْضَ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَذَكَرَ الْمُتَوَلِّي، أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ فِي الطُّهْرِ تَمْتَدُّ شَهْرَيْنِ، فَشَرَعَتْ فِي الصَّوْمِ فِي وَقْتٍ يَتَخَلَّلُهُ الْحَيْضُ، انْقَطَعَ، وَلَوْ أَفْطَرَتِ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ خَوْفًا فِي نَفْسَيْهِمَا، فَقَالَ الْمُحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ، وَصَاحِبَا «الْحَاوِي» وَ «الشَّامِلِ» وَالْأَكْثَرُونَ: هُوَ كَالْمَرَضِ.

وَفِي تَجْرِيدِ الْمُحَامِلِيِّ: أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ قَطْعًا، وَلَوْ غَلَبَهُ الْجُوعُ فَأَفْطَرَ، بَطَلَ التَّتَابُعُ. وَقِيلَ: كَالْمَرَضِ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

نِسْيَانُ النِّيَّةِ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي، يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَتَرْكِهَا عَمْدًا، وَلَا يُجْعَلُ النِّسْيَانُ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ.

قُلْتُ: لَوْ صَامَ أَيَّامًا مِنَ الشَّهْرَيْنِ، ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ، هَلْ نَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>