للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْهَا: أَنْ يَتَلَاعَنَا مِنْ قِيَامٍ، وَمِنْهَا: إِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يُلَاعِنُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا لَفْظُ الشَّافِعِيِّ فِي «الْمُخْتَصَرِ» وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: يُلَاعِنُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَلِلْأَصْحَابِ فِي صُعُودِ الْمُلَاعِنِ الْمِنْبَرَ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: يَصْعَدُ، وَالثَّانِي: لَا، وَالثَّالِثُ: إِنْ كَثُرَ الْقَوْمُ، صَعِدَهُ لِيَرَوْهُ، وَإِلَّا فَعِنْدَهُ. وَطَرَدَ الْمُتَوَلِّي الْخِلَافَ فِي صُعُودِ الْمِنْبَرِ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ.

الطَّرَفُ الْخَامِسُ: فِي أَحْكَامِ اللِّعَانِ. قَدْ سَبَقَ أَكْثَرُهَا فِي ضِمْنِ مَا تَقَدَّمَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يُجْبَرُ عَلَى اللِّعَانِ بَعْدَ الْقَذْفِ، بَلْ لَهُ الِامْتِنَاعُ، وَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ لَا تُجْبَرُ عَلَى اللِّعَانِ بَعْدَ لِعَانِهِ، وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ خَمْسَةُ أَحْكَامٍ. أَحُدُهَا: حُصُولُ الْفُرْقَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، سَوَاءٌ صُدِّقَتْ أَمْ صُدِّقَ. وَقِيلَ: إِنْ صُدِّقَتْ لَمْ تَحْصُلْ بَاطِنًا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ. الثَّانِي: تَأَبَّدُ التَّحْرِيمِ. الثَّالِثُ: سُقُوطُ حَدِّ الْقَذْفِ عَنْهُ. الرَّابِعُ: وُجُوبُ الزِّنَا عَلَيْهَا. الْخَامِسُ: انْتِفَاءُ النَّسَبِ إِذَا نَفَاهُ بِاللِّعَانِ.

قُلْتُ: وَقَدْ سَبَقَتْ أَحْكَامٌ أُخَرُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ هَذِهِ الْأَحْكَامُ تَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ لِعَانِ الزَّوْجِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى لِعَانِهَا، وَلَا قَضَاءِ الْقَاضِي، وَلَا يَتَعَلَّقُ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى زِنَاهَا إِلَّا دَفْعُ حَدِّ الْقَذْفِ عَنْهُ، وَثُبُوتُ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهَا، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِلِعَانِ الْمَرْأَةِ إِلَّا سُقُوطُ حَدِّ الزِّنَا عَنْهَا. وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا، لَمْ تُلَاعِنْ لِدَفْعِ الْحَدِّ، لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ، فَلَا تُقَاوِمُ الْبَيِّنَةَ.

فَصْلٌ

فِي نَفْيِ الْوَلَدِ

فِيهِ مَسَائِلُ.

إِحْدَاهَا: إِنَّمَا تَحْتَاجُ إِلَى نَفْيِ الْوَلَدِ إِذَا لَحِقَهُ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>