للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ بَعْدَهَا بِحَيْضَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الزَّوْجَ مَاتَ أَوَّلًا، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَعَادَتْ فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ حَاضَتْ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَيْضُ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ أَوْ آخِرِهَا. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ لِئَلَّا يَقَعَ الِاسْتِبْرَاءُ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. قَالَ الْأَصْحَابُ: هَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى تَقْدِيرِ تَأَخُّرِ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ مُنْقَضِيَةً بِالْمُدَّةِ الْمُتَخَلِّلَةِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ الِاجْتِمَاعُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَيْضُ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ آخِرِهَا. وَلَوْ كَانَتِ الْمُسْتَوْلَدَةُ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ، كَفَاهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ.

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا يُعْلَمَ كَمُّ الْمُدَّةِ الْمُتَخَلِّلَةِ، فَعَلَيْهَا التَّرَبُّصُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ، وَلَا نُوَرِّثُهَا مِنَ الزَّوْجِ إِذَا شَكَكْنَا فِي أَسْبَقِهِمَا مَوْتًا، فَإِنِ ادَّعَتْ عِلْمَ الْوَرَثَةِ أَنَّهَا كَانَتْ حُرَّةً يَوْمَ مَوْتِ الزَّوْجِ، فَعَلَيْهِمُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ.

فَصْلٌ

مَتَّى قَالَتِ الْمُسْتَبْرَأَةُ: حِضْتُ، صُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ.

وَلَوِ امْتَنَعَتْ عَلَى السَّيِّدِ فَقَالَ: قَدْ أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ، صُدِّقَ السَّيِّدُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مُفَوَّضٌ إِلَى أَمَانَةِ السَّيِّدِ، وَلِهَذَا لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، بِخِلَافِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ، فَإِنَّهُ يُحَالُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَبَيْنَهَا. وَهَلْ لَهَا تَحْلِيفُ السَّيِّدِ؟ وَجْهَانِ. حَقِيقَتُهُمَا: أَنَّهُ هَلْ لِلْأَمَةِ الْمُخَاصَمَةُ؟ وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا إِذَا وَرِثَ جَارِيَةً فَادَّعَتْ أَنَّ مُوَرِّثَهَا وَطِئَهَا، وَأَنَّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ تَصْدِيقُهَا. وَطَرِيقُ الْوَرَعِ لَا يَخْفَى. وَهَلْ لَهَا تَحْلِيفُهُ؟ فِيهِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ أَنَّ لَهَا التَّحْلِيفَ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَعَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ مِنَ التَّمْكِينِ إِذَا تَحَقَّقَتْ بَقَاءَ شَيْءٍ مِنْ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنْ أَبَحْنَاهَا لَهُ فِي الظَّاهِرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>