للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى الزَّوْجِ، فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ مِنْ وَقْتِ التَّسْلِيمِ. وَلَوْ بَعَثَتْ إِلَيْهِ: إِنِّي مُسَلِّمَةٌ نَفْسِي، فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ مِنْ حِينِ بَلَغَهُ الْخَبَرُ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا، رَفَعَتِ الْأَمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ، وَأَظْهَرَتْ لَهُ التَّسْلِيمَ وَالطَّاعَةَ، لِيَكْتُبَ إِلَى حَاكِمِ بَلَدِ الزَّوْجِ، فَيُحْضِرُهُ، وَيُعْلِمُهُ الْحَالَ، فَإِنْ سَارَ إِلَيْهَا عِنْدَ إِعْلَامِهِ، أَوْ بَعَثَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ فَتَسَلَّمَهَا، وَجَبَتِ النَّفَقَةُ مِنْ حِينِ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَضَى زَمَنُ الْوُصُولِ إِلَيْهَا، فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَتَهَا فِي مَالِهِ، وَجُعِلَ كَالْمُتَسَلِّمِ، لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَهُ، كَتَبَ الْحَاكِمُ إِلَى حُكَّامِ الْبِلَادِ الَّتِي تَرِدُهَا الْقَوَافِلُ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ فِي الْعَادَةِ لِيُطْلَبَ وَيُنَادَى بِاسْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ، فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَتَهَا فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ، وَأُخِذَ مِنْهَا كَفِيلًا بِمَا يَصْرِفُ إِلَيْهَا لِاحْتِمَالِ وَفَاتِهِ وَطَلَاقِهِ، وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرَّفْعِ إِلَى الْقَاضِي وَلَا لِكِتَابِهِ، وَقَالَ: تَجِبُ النَّفَقَةُ مِنْ حِينِ تَصِلُهُ، وَيَمْضِي زَمَنُ إِمْكَانِ الْقُدُومِ عَلَيْهَا، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ. أَمَّا إِذَا لَمْ تَعْرِضْ نَفْسَهَا عَلَى الزَّوْجِ الْحَاضِرِ، أَوِ الْغَائِبِ، وَلَا بَعَثَتْ إِلَيْهِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ تَفْرِيعًا عَلَى الْجَدِيدِ، وَلَا تُؤَثِّرُ غَيْبَةُ الزَّوْجِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ مَا دَامَتْ مُقِيمَةً عَلَى الطَّاعَةِ. وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَتْ عَاقِلَةً بَالِغَةً، فَأَمَّا الْمُرَاهِقَةُ وَالْمَجْنُونَةُ، فَلَا اعْتِبَارَ بِعَرْضِهِمَا، وَبَذْلِهِمَا الطَّاعَةَ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ فِيهِمَا بِعَرْضِ الْوَلِيِّ. وَلَوْ سَلَّمَتِ الْمُرَاهِقَةُ نَفْسَهَا، فَتَسَلَّمَهَا الزَّوْجُ، وَنَقَلَهَا إِلَى دَارِهِ، وَجَبَتْ النَّفَقَةُ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَتِ الزَّوْجَةُ نَفْسَهَا إِلَى الزَّوْجِ الْمُرَاهِقِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْوَلِيِّ، وَجَبَتِ النَّفَقَةُ بِخِلَافِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُرَاهِقِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَاكَ أَنْ تَصِيرَ الْيَدُ لِلْمُشْتَرِي، وَالْيَدُ فِي عَقْدِ الْمُرَاهِقِ لِلْوَلِيِّ لَا لَهُ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْأَصْلُ فَبَيَانُ مَوَانِعِ النَّفَقَةِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:

الْأَوَّلُ: النُّشُوزُ، فَلَا نَفَقَةَ لِنَاشِزَةٍ، وَإِنْ قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى رَدِّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>