للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَحْرَمِ يُسْكِنُهَا مَوْضِعًا يَلِيقُ بِهَا، وَيُلَاحِظُهَا دَفْعًا لِلْعَارِ عَنِ النَّسَبِ، كَمَا يَمْنَعُونَهَا نِكَاحَ غَيْرِ الْكُفْءِ، وَأَثْبَتَ الْبَغَوِيُّ لِلْأُمِّ ضَمَّهَا إِلَيْهَا عِنْدَ الرِّيبَةِ، كَمَا أَثْبَتَهَا لِلْعَصَبَةِ، وَلَوْ فُرِضَتِ التُّهْمَةُ فِي حَقِّ الْبِكْرِ، فَهِيَ أَوْلَى بِالِاحْتِيَاطِ، فَتُمْنَعُ مِنْ الِانْفِرَادِ بِلَا خِلَافٍ، وَنَقَلَ فِي «الْعُدَّةِ» عَنِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْأَمْرَدَ إِذَا خِيفَ مِنِ انْفِرَادِهِ فِتْنَةٌ، وَانْقَدَحَتْ تُهْمَةٌ، مُنِعَ مِنْ مُفَارَقَةِ الْأَبَوَيْنِ.

قُلْتُ: الْجَدُّ كَالْأَبَوَيْنِ فِي حَقِّ الْأَمْرَدِ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَخُ وَالْعَمُّ وَنَحْوُهُمَا لِاشْتِرَاكِ الْجَمِيعِ فِي الْمَعْنَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

إِذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ رِيبَةً، وَأَنْكَرَتْ، فَقَدْ ذُكِرَ احْتِمَالَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْحُرَّةِ الْعَاقِلَةِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى بَعِيدٌ، وَأَصَحُّهُمَا: يُقْبَلُ وَيُحْتَاطُ بِلَا بَيِّنَةٍ، لِأَنَّ إِسْكَانَهَا فِي مَوْضِعِ الْبَرَاءَةِ أَهْوَنُ مِنَ الْفَضِيحَةِ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً.

فَصْلٌ

إِنَّمَا يُحْكَمُ بِأَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ مِنَ الْأَبِ فِي حَقِّ مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ أَصْلًا، وَهُوَ الصَّغِيرُ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ، وَالْمَجْنُونُ، فَأَمَّا إِذَا صَارَ الصَّغِيرُ مُمَيِّزًا، فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ إِذَا افْتَرَقَا، وَيَكُونُ عِنْدَ مَنِ اخْتَارَ مِنْهُمَا، وَسَوَاءٌ فِي التَّخْيِيرِ الِابْنُ وَالْبِنْتُ، وَسِنُّ التَّمْيِيزِ غَالِبًا سَبْعُ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانٍ تَقْرِيبًا، قَالَ الْأَصْحَابُ: وَقَدْ يَتَقَدَّمُ التَّمْيِيزُ عَنِ السَّبْعِ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنِ الثَّمَانِ، وَمَدَارُ الْحُكْمِ عَلَى نَفْسِ التَّمْيِيزِ، لَا عَلَى سِنِّهِ، وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَ فِيهِمَا شُرُوطُ الْحَضَانَةِ، بِأَنْ يَكُونَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ عَاقِلَيْنِ عَدْلَيْنِ مُقِيمَيْنِ فِي وَطَنٍ وَاحِدٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -،

<<  <  ج: ص:  >  >>