للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَوْ تَرَكَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ فِي وَقْتِ التَّخْيِيرِ كَفَالَتَهُ لِلْآخَرِ، كَانَ الْآخَرُ أَحَقَّ بِهِ، وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْوَلَدِ، فَإِنْ عَادَ وَطَلَبَ الْكَفَالَةَ، عُدْنَا إِلَى التَّخْيِيرِ، قَالَ: وَلَوْ تَدَافَعَ الْأَبَوَانِ كَفَالَتَهُ، وَامْتَنَعَا مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُمَا مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ، كَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ، خُيِّرَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يُخَيَّرُ الْوَلَدُ، وَيُجْبَرُ مَنِ اخْتَارَهُ عَلَى كَفَالَتِهِ، فَعَلَى هَذَا لَوِ امْتَنَعَا مِنَ الْحَضَانَةِ قَبْلَ سِنِّ التَّمْيِيزِ، يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُجْبَرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَلَى حَضَانَتِهِ، وَالثَّانِي: يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْأُمَّ أَوْلَى مِنَ الْأَبِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ، وَأَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ تَمْيِيزِهِ، هُوَ فِيمَا إِذَا كَانَ الْأَبَوَانِ مُقِيمَيْنِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، فَأَمَّا إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا سَفَرًا، أَوْ أَرَادَا سَفَرًا يَخْتَلِفُ فِيهِ بَلَدُهُمَا، فَيُنْظَرُ، إِنْ كَانَ سَفَرَ حَاجَةٍ، كَحَجٍّ وَغَزْوٍ وَتِجَارَةٍ، لَمْ يُسَافِرْ بِالْوَلَدِ، لِمَا فِي السَّفَرِ مِنَ الْخَطَرِ وَالْمَشَقَّةِ، بَلْ يَكُونُ مَعَ الْمُقِيمِ إِلَى أَنْ يَعُودَ الْمُسَافِرُ، سَوَاءٌ طَالَتْ مُدَّةُ السَّفَرِ أَمْ قَصُرَتْ، وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَجْهٌ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ إِذَا طَالَ سَفَرُهُ. وَإِنْ كَانَ سَفَرَ نُقْلَةٍ، نُظِرَ؛ إِنْ كَانَ يَنْتَقِلُ إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَلِلْأَبِ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنَ الْأُمِّ وَيَسْتَصْحِبَهُ مَعَهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُنْتَقِلُ الْأَبُ أَوِ الْأُمُّ، أَوْ أَحَدُهُمَا إِلَى بَلَدٍ وَالْآخَرُ إِلَى آخَرَ، احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ، فَإِنَّ النَّسَبَ يَتَحَفَّظُ بِالْأَبَاءِ، وَلِمَصْلَحَةِ التَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ، وَسُهُولَةِ الْقِيَامِ بِنَفَقَتِهِ وَمُؤْنَتِهِ، وَسَوَاءٌ نَكَحَهَا فِي بَلَدِهَا أَوْ فِي الْغُرْبَةِ، فَلَوْ رَافَقَتْهُ الْأُمُّ فِي طَرِيقِهِ، دَامَ حَقُّهَا، وَكَذَا فِي الْمَقْصِدِ، وَلَوْ عَادَ مِنْ سَفَرِ النُّقْلَةِ إِلَى بَلَدِهَا، عَادَ حَقُّهَا، وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ الَّذِي يَسْلُكُهُ مَخُوفًا، أَوِ الْبَلَدُ الَّذِي يَقْصِدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>