للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَتْلِ مُعَيَّنٍ لَا يَجِدُ عَنْهُ مَحِيصًا، وَفِي «الرَّقْمِ» وَجْهٌ أَنَّهُ إِكْرَاهٌ، وَنَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي عَنِ اخْتِيَارِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، وَلَيَجِيءُ مِثْلُهُ فِي الطَّلَاقِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

فَعَلَى هَذَا مَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمَا، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ غَيْرُ الْإِثْمِ.

فَرْعٌ.

لَوْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُكْرِهَ ثَالِثًا عَلَى قَتْلِ رَابِعٍ، فَفَعَلَا، وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْآمِرِ، وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ: الْقَوْلَانِ، لِأَنَّهُمَا مُكْرَهَانِ.

فَصْلٌ

إِذَا أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِقَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا، فَقَتَلَهُ الْمَأْمُورُ، نُظِرَ إِنْ ظَنَّ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ بِحَقٍّ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَأْمُورِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِحَقٍّ، وَلِأَنَّ طَاعَةَ السُّلْطَانِ وَاجِبَةٌ فِيمَا لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ.

وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يُكَفِّرَ لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ، وَأَمَّا الْآمِرُ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، أَوِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ عَلِمَ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ ظُلْمًا، فَهَلْ يُنَزَّلُ أَمْرُهُ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ؟ وَجْهَانِ وَيُقَالُ: قَوْلَانِ.

أَحَدُهُمَا: لَا، وَإِنَّمَا الْإِكْرَاهُ بِالتَّهْدِيدِ صَرِيحًا كَمَا فِي غَيْرِ السُّلْطَانِ، فَعَلَى هَذَا لَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ سِوَى الْإِثْمِ، وَيَلْزَمُ الْمَأْمُورَ الْقِصَاصُ، أَوِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ.

وَالثَّانِي: يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ لِعِلَّتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا: أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالَةِ السَّطْوَةِ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ، وَالثَّانِي: أَنَّ طَاعَتَهُ وَاجِبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَيَنْتَهِضُ ذَلِكَ شُبْهَةً.

فَإِذَا نَزَّلْنَاهُ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ، فَعَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ، وَفِي الْمَأْمُورِ، الْقَوْلَانِ فِي الْمُكْرَهِ، وَلَوْ أَمَرَهُ صَاحِبُ الشَّوْكَةِ مِنَ الْبُغَاةِ، كَانَ كَأَمْرِ إِمَامِ الْعَدْلِ، لِأَنَّ أَحْكَامَهُ نَافِذَةٌ.

وَلَوْ أَمَرَهُ غَيْرُ السُّلْطَانِ بِالْقَتْلِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، كَالزَّعِيمِ وَالْمُتَغَلِّبِ، فَقِيلَ: نُظِرَ، إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ مُخَالَفَتِهِ الْمَحْذُورَ، فَعَلَى الْمَأْمُورِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ، وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إِلَّا الْإِثْمُ، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>