للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ.

ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ قَبْلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ. يَجُوزُ لِلْمُكْرَهِ عَلَى إِتْلَافِ مَالٍ، وَلِصَاحِبِ الْمَالِ دَفْعُ الْمُكْرَهِ بِمَا أَمْكَنَهُمَا، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَالِ دَفْعُ الْمُكْرِهِ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقِيَ رُوحَهُ بِمَالِهِ، كَمَا يُنَاوَلُ الْمُضْطَرُّ طَعَامَهُ.

فَصْلٌ

إِذَا أَنْهَشَهُ حَيَّةً، أَوْ أَلَدَغَهُ عَقْرَبًا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَقَتَلَتْهُ، وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ غَالِبًا، فَهَلْ هُوَ عَمْدٌ، أَمْ شِبْهُ عَمْدٍ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَنْهَشْهَا، وَلَكِنْ أَلْقَى الْحَيَّةَ عَلَيْهِ، أَوْ أَلْقَاهُ عَلَيْهَا، أَوْ قَيَّدَهُ وَطَرَحَهُ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ حَيَّاتٌ وَعَقَارِبٌ، فَقَتَلَتْهُ، فَلَا قِصَاصَ وَلَا ضَمَانَ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْضِعُ وَاسِعًا أَوْ ضَيِّقًا، لِأَنَّهُ لَمْ يُلْجِئْهَا إِلَى قَتْلِهِ، بَلْ هِيَ قَتَلَتْهُ بِاخْتِيَارِهَا، فَهُوَ كَالْمُمْسَكِ مَعَ الْقَاتِلِ.

وَلَوْ عَرَّضَهُ لِافْتِرَاسِ سَبُعٍ يَقْتُلُ غَالِبًا، كَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ، وَهَدَفَهُ لَهُ حَتَّى صَارَ السَّبُعُ كَالْمُضْطَرِّ إِلَى قَتْلِهِ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ السَّبُعُ مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَهُوَ كَالْحَيَّةِ الَّتِي لَا تَقْتُلُ غَالِبًا، وَإِنْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ السَّبُعَ، أَوْ أَغْرَى بِهِ كَلْبًا عَقُورًا فِي مَوْضِعٍ وَاسِعٍ كَالصَّحْرَاءِ، فَقَتَلَهُ، أَوْ طَرَحَهُ فِي مَسْبَعَةٍ أَوْ بَيْنَ يَدَيْ سَبُعٍ فِي الصَّحْرَاءِ مَكْتُوفًا، أَوْ غَيْرَ مَكْتُوفٍ، فَقَتَلَهُ، فَلَا قِصَاصَ وَلَا ضَمَانَ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَطْرُوحُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا.

لِأَنَّهُ لَمْ يُلْجِئْهُ إِلَى قَتْلِهِ، وَالَّذِي وُجِدَ مِنْهُ لَيْسَ بِمُهْلِكٍ، وَهُوَ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ، وَفِي الصَّبِيِّ وَجْهٌ، أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ، وَلَوْ أَغْرَاهُ بِهِ فِي مَوْضِعٍ ضَيِّقٍ، أَوْ حَبَسَهُ مَعَهُ فِي بِئْرٍ، أَوْ بَيْتٍ، فَقَتَلَهُ، وَجَبَ الْقِصَاصُ، مَكْتُوفًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَكْتُوفٍ، لِأَنَّهُ إِلْجَاءُ السَّبُعِ إِلَى قَتْلِهِ، وَلَيْسَ السَّبُعُ كَالْحَيَّةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>