للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدٍ، لَكِنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ إِلَّا بِاسْتِيفَاءِ الْبَاقِي، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، قَالَ الْإِمَامُ: قَوْلُ الْحَلِيمِيِّ بَعِيدٌ، وَكَيْفَ يُرِيقُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ دَمٍ غَيْرَ مُسْتَحَقَّةٍ لِتَحْصِيلِ عُشْرٍ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إِذَا قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً، يُقْتَلُ بِأَحَدِهِمْ وَوَجَبَتْ دِيَةُ الْبَاقِينَ فِي مَالِهِ، وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيمَنْ يُقْتَلُ بِهِ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ قَطَعَ أَيْدِيَ جَمَاعَةٍ، قُطِعَ بِوَاحِدٍ، وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَةُ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهًا أَنَّهُ إِذَا وَقَعَتِ الْجِنَايَاتُ مَعًا، قُتِلَ، أَوْ قُطِعَ بِهِمْ جَمِيعًا، وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْتَحِقِّينَ إِلَى حِصَّتِهِ مِنَ الدِّيَةِ، وَهَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ.

هَذَا إِذَا كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا وَقَتَلَ الْجَمَاعَةَ فِي غَيْرِ الْمُحَارِبَةِ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ قَتَلَ فِي الْمُحَارَبَةِ، فَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَصْلٌ

فِي اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي اقْتِضَاءِ الْقِصَاصِ.

الْجِنَايَاتُ الصَّادِرَةُ مِنْ جَمَاعَةٍ الْوَارِدَةُ عَلَى وَاحِدٍ الْمُسْتَعْقِبَةُ مَوْتَهُ إِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ يَجِبُ الْقِصَاصُ لَوِ انْفَرَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ، وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الشُّرَكَاءِ كَمَا سَبَقَ، وَإِلَّا فَإِمَّا أَنْ لَا يَجِبَ الْقِصَاصُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا لِتَقَاعُدِ الْفِعْلِ عَنْ إِيجَابِ الْقِصَاصِ بِأَنْ قَتَلُوهُ خَطَأً أَوْ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ بِأَنْ قَتَلَ حُرَّانِ عَبْدًا، فَلَا قِصَاصَ.

وَإِمَّا أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ بِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، وَلِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِي حَقِّ الْبَعْضِ أَسْبَابٌ، أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ جِنَايَةُ بَعْضِهِمْ ضَعِيفَةً لَا تُؤَثِّرُ فِي الزُّهُوقِ كَالْخَدْشَةِ الْخَفِيفَةِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهَا، وَكَأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ سِوَى الْجِنَايَاتِ الْبَاقِيَةِ.

الثَّانِي: أَنْ يَغْلِبَ بَعْضُهَا بِقُوَّتِهِ بِحَيْثُ يَقْطَعُ نِسْبَةَ الزُّهُوقِ إِلَى سَائِرِ الْجِنَايَاتِ، بِأَنْ جَرَحَهُ جَمَاعَةٌ، ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ آخَرُ، فَقِصَاصُ النَّفْسِ عَلَى الْحَازِّ، وَأَمَّا الْأَوَّلُونَ، فَجَارِحُونَ، يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِمْ مُقْتَضَاهُ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ أَوْ مُخَفَّفَةٍ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الطَّرَفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>