للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي وَقْتِ الِاقْتِصَاصِ فِي الْجُرُوحِ.

الْمُسْتَحَبُّ فِي قِصَاصِ الْجُرُوحِ وَالْأَطْرَافِ التَّأْخِيرُ إِلَى الِانْدِمَالِ، فَلَوْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ الِاقْتِصَاصَ فِي الْحَالِ، مُكِّنَ مِنْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصِ، لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِي تِلْكَ الْجِرَاحَةِ ثَابِتٌ وَإِنْ سَرَتْ إِلَى النَّفْسِ، أَوْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْجُرْحِ.

وَأَمَّا الْمَالُ، فَلَا يَتَقَدَّرُ، فَقَدْ تَعُودُ الدِّيَتَانِ فِي الْيَدَيْنِ وَالرَّجْلَيْنِ إِلَى وَاحِدَةٍ بِالسِّرَايَةِ إِلَى النَّفْسِ، وَقَدْ يُشَارِكُهُ جَمَاعَةٌ، فَيَقِلُّ وَاجِبُهُ، وَقِيلَ: فِي التَّعْجِيلِ فِي الْمَالِ وَالْقِصَاصِ قَوْلَانِ.

فَإِنْ قُلْنَا: يُعَجِّلُ الْمَالَ، فَفِي قَدْرِ الْمُعَجَّلِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: تَعَجُّلُ أُرُوشِ الْجِرَاحَاتِ وَدِيَاتِ الْأَطْرَافِ وَإِنْ كَثُرَتْ، فَإِنْ حَصَلَتْ سِرَايَةٌ، اسْتَرَدَّ، وَالثَّانِي: لَا يُعَجِّلُ إِلَّا دِيَةَ نَفْسٍ، لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ.

قُلْتُ: الثَّانِي الْأَصَحُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابٌ

اخْتِلَافُ الْجَانِي وَمُسْتَحِقِّ الدَّمِ.

فِيهِ مَسَائِلُ:

إِحْدَاهَا: قَدَّ مَلْفُوفًا فِي ثَوْبٍ نِصْفَيْنِ وَقَالَ: كَانَ مَيِّتًا، وَقَالَ الْوَلِيُّ: كَانَ حَيًّا، فَأَيُّهُمَا يُصَدَّقُ؟ قَوْلَانِ.

أَظْهَرُهُمَا: الْوَلِيُّ، وَقِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَلْفُوفًا عَلَى هَيْئَةِ التَّكْفِينِ، أَوْ فِي ثِيَابِ الْأَحْيَاءِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا لَا أَصْلَ لَهُ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ هَدَمَ عَلَيْهِ بَيْتًا وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا، وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ، وَسَوَاءٌ قُلْنَا: الْمُصَدَّقُ الْوَلِيُّ، أَوِ الْجَانِي، فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِحَيَاتِهِ وَيَعْمَلَ بِهَا، وَلِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِالْحَيَاةِ إِذَا كَانُوا رَأَوْهُ يَتَلَفَّفُ فِي الثَّوْبِ، وَيَدْخُلُ الْبَيْتَ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنُوا حَيَاتَهُ حَالَةَ الْقَدِّ وَالِانْهِدَامِ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرُوا عَلَى أَنَّهُمْ رَأَوْهُ يَدْخُلُ الْبَيْتَ وَيَتَلَفَّفُ فِي الثَّوْبِ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>