للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبَعْضِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: «كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ؛ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ» فَمَعْنَاهُ: مَنْ عَلِمْتُمْ مُوَافَقَتَهُ لَهُ؛ فَلَا بَأْسَ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ الْمُوَافَقَةَ، فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ مُعَلَّقٌ بِمَعْرِفَةِ الْمُوَافَقَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ لَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَعْلَمُ قَصْدَ السَّاحِرِ، وَلَا يُشَاهِدُ تَأْثِيرَ السِّحْرِ؛ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِ السَّاحِرِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ إِذَا قَالَ: قَتَلْتُهُ بِسِحْرِي، وَسِحْرِي يَقْتُلُ غَالِبًا؛ فَقَدْ أَقَرَّ بِقَتْلِ الْعَمْدِ. وَإِنْ قَالَ: وَهُوَ يَقْتُلُ نَادِرًا، فَهُوَ إِقْرَارٌ بِشِبْهِ الْعَمْدِ، وَإِنْ قَالَ: أَخْطَأْتُ مِنِ اسْمِ غَيْرِهِ إِلَى اسْمِهِ؛ فَهُوَ إِقْرَارٌ بِالْخَطَأِ، ثُمَّ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَدِيَةُ الْخَطَأِ الْمُخَفَّفَةِ كِلَاهُمَا فِي مَالِ السَّاحِرِ، وَلَا تُطَالَبُ الْعَاقِلَةُ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ؛ لِأَنَّ إِقْرَارَهُ عَلَيْهِمْ لَا يُقْبَلُ، كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ فِي «الْوَجِيزِ» هِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ خَطَأٌ وَسَبْقُ قَلَمٍ، لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ، وَلَا هُوَ فِي «الْوَسِيطِ» .

فَرْعٌ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي «الْأُمِّ» : لَوْ قَالَ: أُمَرِّضُ بِسِحْرِي وَلَا أَقْتُلُ، وَأَنَا سَحَرْتُ فُلَانًا فَأَمْرَضْتُهُ؛ عُزِّرَ، قَالَ: وَلَوْ قَالَ: لَا أَمْرَضُ بِهِ، وَلَكِنْ أُوذِيَ؛ نُهِيَ عَنْهُ؛ فَإِنْ عَادَ عُزِّرَ؛ لِأَنَّ السِّحْرَ كُلُّهُ حَرَامٌ.

فَرْعٌ

إِذَا قَالَ: أَمْرَضْتُهُ بِسِحْرِي وَلَمْ يَمُتْ بِهِ؛ بَلْ بِسَبَبٍ آخَرَ، نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» أَنَّهُ لَوْثٌ يُقْسِمُ بِهِ الْوَلِيُّ، وَيَأْخُذُ الدِّيَةَ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَفِيهِ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ: أَنَّهُ لَيْسَ بِلَوْثٍ؛ وَالْمَذْهَبُ وَالْمَنْصُوصُ فِي «الْأُمِّ» وَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ؛ أَنَّهُ إِنْ بَقِيَ مُتَأَلِّمًا إِلَى أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>