للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِلَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، لَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ سَبِيلَهُ الْمُوَاسَاةُ، وَالْوُجُوبُ عَلَى الْجَانِي سَبِيلُهُ صِيَانَةُ الْحَقِّ عَنِ الضَّيَاعِ؛ فَلَا يَسْقُطُ؛ فَلَوْ مَاتَ مُعْسِرًا. قَالَ الْبَغَوِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ تُؤْخَذَ الدِّيَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، كَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا مُعْسِرًا.

الثَّانِي أَرْجَحُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ غَرِمَ الْجَانِي ثُمَّ اعْتَرَفَتِ الْعَاقِلَةُ، فَإِنْ قُلْنَا: الْوُجُوبُ يُلَاقِيهِ؛ لَمْ يَرُدَّ الْوَلِيُّ مَا قَبَضَ؛ بَلْ يَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوَّلًا؛ رَدَّ الْوَلِيُّ مَا أَخَذَ، وَابْتَدَأَ بِمُطَالَبَةِ الْعَاقِلَةِ.

وَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ لَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ قَتْلَ خَطَأٍ، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَلَا بَيِّنَةٍ وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْيَمِينِ، فَحَلَفَ الْمُدَّعِي؛ فَإِنْ قُلْنَا: الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَجَبَتِ الدِّيَةُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِنْ كَذَّبَتِ الْعَاقِلَةُ الْمُدَّعِيَ. وَإِنْ قُلْنَا: كَالْبَيِّنَةِ؛ فَهَلِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، أَمْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَهَابًا إِلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ كَالْبَيِّنَةِ إِلَّا فِي حَقِّ الْمُتَدَاعِيَيْنِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

فَصْلٌ

بَدَلُ الْأَطْرَافِ وَأُرُوشُ الْجِرَاحَاتِ وَالْحُكُومَاتِ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا يُضْرَبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَدِيَةِ النَّفْسِ، وَحُكِيَ عَنِ الْقَدِيمِ قَوْلُ أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لَكِنْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ فِي النَّفْسِ؛ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهَا؛ وَلِهَذَا لَا كَفَّارَةَ وَلَا قَسَامَةَ فِي الطَّرَفِ، وَقَوْلٌ آخَرُ: إِنَّ مَا دُونَ ثُلْثِ الدِّيَةِ لَا يُضْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْظُمُ إِجْحَافُهُ بِالْجَانِي.

فَرْعٌ

لَوْ كَانَ الْأَرْشُ نِصْفَ دِينَارٍ مَثَلًا، وَالْعَاقِلَةُ جَمَاعَاتٌ فَوَجْهَانِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>