للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْجَنِينِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ:

قَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْعُدَّةِ أَنَّ الْغُرَّةَ تَجِبُ إِذَا سَقَطَتْ بِالْجِنَايَةِ مَا ظَهَرَ فِيهِ صُورَةُ آدَمِيٍّ؛ كَعَيْنٍ أَوْ أُذُنٍ أَوْ يَدٍ وَنَحْوِهَا، وَيَكْفِي الظُّهُورُ فِي طَرَفٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي كُلِّهَا، وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ فَشَهِدَ الْقَوَابِلُ أَنَّ فِيهِ صُورَةً خَفِيَّةً يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ، وَجَبَتِ الْغُرَّةُ أَيْضًا، وَإِنْ قُلْنَ: لَيْسَ فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ، لَكِنَّهُ أَصْلٌ آدَمِيٌّ وَلَوْ بَقِيَ لِتَصَوُّرٍ، لَمْ تَجِبِ الْغُرَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ شَكَكْنَ هَلْ هُوَ أَصْلٌ آدَمِيٌّ، لَمْ تَجِبْ قَطْعًا.

فَصْلٌ

إِنَّمَا تَجِبُ الْغُرَّةُ الْكَامِلَةُ فِي جَنِينٍ مَحْكُومٍ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَبِحُرِّيَّتِهِ. فَأَمَّا الْجَنِينُ الْمَحْكُومُ بِأَنَّهُ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ؛ فَفِيهِ أَوْجُهٌ؛ أَحَدُهَا: لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ أَصْلًا، وَالثَّانِي: تَجِبُ غُرَّةٌ كَالْمُسْلِمِ، وَأَصَحُّهَا وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ: يَجِبُ ثُلْثُ غُرَّةِ الْمُسْلِمِ؛ فَعَلَى هَذَا فِي الْجَنِينِ الْمَجُوسِيِّ ثُلْثَا عُشْرِ غُرَّةِ الْمُسْلِمِ؛ وَهُوَ ثُلْثُ بَعِيرٍ، ثُمَّ قِيلَ: يُؤْخَذُ هَذَا الْقَدْرُ مِنَ الدِّيَةِ وَيُدْفَعُ إِلَى الْمُسْتَحِقِّ، وَلَا يُصْرَفُ فِي غُرَّةٍ، وَقِيلَ: يَدْفَعُ هَذَا الْقَدْرَ، أَوْ غُرَّةٌ بِقِيمَتِهِ.

وَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ غُرَّةً؛ إِلَّا أَنْ لَا تُوجَدُ فَيَعْدِلَ حِينَئِذٍ إِلَى الْإِبِلِ أَوِ الدَّرَاهِمِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدَ أَبَوَيِ الْجَنِينِ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا؛ فَهَلْ يَجِبُ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي الْجَنِينِ النَّصْرَانِيِّ أَمِ الْمَجُوسِيِّ، أَمْ يُعْتَبَرُ بِالْأَبِ؟

فِيهِ أَوْجُهٌ، الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ ذِمِّيًّا، وَالْآخَرُ وَثَنِيًّا لَا أَمَانَ لَهُ؛ فَعَلَى الْأَصَحِّ يَجِبُ مَا يَجِبُ فِيمَنْ أَبَوَاهُ ذِمِّيَّانِ، وَعَلَى الثَّانِي: لَا شَيْءَ فِيهِ، وَعَلَى الثَّالِثِ: يُعْتَبَرُ جَانِبُ الْأَبِ، وَالْجَنِينِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ مُسْتَأْمَنَيْنِ كَجَنِينِ الذِّمِّيَّيْنِ، وَلَوِ اشْتَرَكَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ فِي وَطْءِ ذِمِّيَّةٍ بِشُبْهَةٍ فَحَبِلَتْ وَأَجْهَضَتْ جَنِينًا بِجِنَايَةٍ، يَعْرِضُ الْجَنِينُ عَلَى الْقَائِفِ وَلَهُ حُكْمُ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>