للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْحَدِيثُ قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَاسْتَدَلَّ بِعَمَلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِخِلَافِهِ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ، وَالرَّابِعُ: يُعْتَبَرُ أَدْنَى الْحُدُودِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَلَا يُزَادُ حُرٌّ وَلَا عَبْدٌ عَلَى تِسْعَ عَشَرَةَ. وَالْخَامِسُ حَكَاهُ الْبَغَوِيُّ: الِاعْتِبَارُ بِحَدِّ الْحُرِّ، فَيَبْلُغُ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدِ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ.

فَصْلٌ

مِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ يَخُصُّ لَفَظَ التَّعْزِيرِ بِضَرْبِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لِلتَّأْدِيبِ فِي غَيْرِ حَدٍّ، وَيُسَمِّي ضَرْبَ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ، وَالْمُعَلِّمِ الصَّبِيَّ، وَالْأَبِ وَلَدَهُ تَأْدِيبًا لَا تَعْزِيرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُطْلِقُ التَّعْزِيرَ عَلَى النَّوْعَيْنِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ، فَعَلَى هَذَا مُسْتَوْفِي التَّعْزِيرِ الْإِمَامُ وَالزَّوْجُ وَالْأَبُ وَالْمُعَلِّمُ وَالسَّيِّدُ، أَمَّا الْإِمَامُ فَيَتَوَلَّى بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ إِقَامَةَ الْعُقُوبَاتِ حَدًّا وَتَعْزِيرًا، وَالْأَبُ يُؤَدِّبُ الصَّغِيرَ تَعْلِيمًا وَزَجْرًا عَنْ سَيْءِ الْأَخْلَاقِ، وَكَذَا يُؤَدَّبُ الْمَعْتُوهُ بِمَا يَضْبُطُهُ، وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ فِي زَمَنِ الصَّبِيِّ فِي كَفَالَتِهِ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي تَعْلِيمِ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالْأَمْرِ بِهَا وَالضَّرْبِ عَلَيْهَا أَنِ الْأُمَّهَاتِ كَالْآبَاءِ، وَالْمُعَلِّمُ يُؤَدِّبُ الصَّبِيَّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَنِيَابَةً عَنْهُ، وَالزَّوْجُ يُعَزِّرُ زَوْجَتَهُ فِي النُّشُوزِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَلَا يُعَزِّرُهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالسَّيِّدُ يُعَزَّرُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَكَذَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِذَا أَفْضَى تَعْزِيرٌ إِلَى هَلَاكٍ، وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُعَزِّرِ، وَيَكُونُ قَتْلُهُ شِبْهَ عَمْدٍ، فَإِنْ كَانَ الْإِسْرَافُ فِي الضَّرْبِ ظَاهِرًا وَضَرَبَهُ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا، فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ، وَحَكَى الْإِمَامُ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ تَفْرِيعًا عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّ الْمُعَزِّرَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ التَّأْدِيبَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الضَّرْبُ الْمُبَرِّحُ وَلَا غَيْرُهُ، أَمَّا الْمُبَرِّحُ؛ فَلِأَنَّهُ مُهْلِكٌ، وَلَيْسَ لَهُ الْإِهْلَاكُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ؛ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>