للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابُ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ

فِيهِ بَابَانِ: الْأَوَّلُ: فِي الْجِزْيَةِ، وَفِيهِ طَرَفَانِ: الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ: نَفْسُ الْعَقْدِ، وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ: أَقْرَرْتُكُمْ، أَوْ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الْإِقَامَةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنْ تَبْذُلُوا كَذَا، وَتَنْقَادُوا لِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ.

وَهَلْ يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِقَدْرِ الْجِزْيَةِ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا، وَيَجِبُ الْأَقَلُّ، وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، كَالثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِكَفِّهِمُ اللِّسَانَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِينِهِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الِانْقِيَادِ، وَيُشْتَرَطُ مِنَ الذِّمِّيِّ لَفْظُ، كَقَبِلْتُ، أَوْ رَضِيتُ بِذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ الذِّمِّيُّ: قَرِّرْنِي بِكَذَا، فَأَجَابَهُ الْإِمَامُ، تَمَّ الْعَقْدُ، وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الذِّمَّةِ مُؤَقَّتًا عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَاهُ، وَمَنْ صَحَّحَ، قَاسَهُ عَلَى الْهُدْنَةِ، وَلَوْ قَالَ: أُقِرُّكُمْ مَا شِئْتُ، أَوْ أُقِرِّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ، أَوْ إِلَى أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمُؤَقَّتِ بِمَعْلُومٍ وَعَكْسِهِ، وَجَعَلَ هَذَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَلَوْ قَالَ: أُقِرُّكُمْ مَا شِئْتُمْ، جَازَ، لِأَنَّ لَهُمْ نَبْذَ الْعَقْدِ مَتَى شَاءُوا، فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا التَّصْرِيحُ بِمُقْتَضَاهُ، قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَوْ قَالَ فِي الْهُدْنَةِ: هَادَنْتُكُمْ مَا شِئْتُمْ، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الْكُفَّارَ مُحَكِّمِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

فَرْعٌ

إِذَا طَلَبَتْ طَائِفَةٌ تُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ عَقَدَ الذِّمَّةِ، وَجَبَتْ إِجَابَتُهُمْ، وَفِي «الْبَيَانِ» وَغَيْرِهِ وَجْهٌ: أَنَّهَا لَا تَجِبُ إِلَّا إِذَا رَأَى الْإِمَامُ فِيهَا مَصْلَحَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>