للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

وَأَمَّا مَا يَلْزَمُهُمْ: فَخَمْسَةُ أُمُورٍ. الْأَوَّلُ: فِي الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ، فَالْبِلَادُ الَّتِي فِي حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ قِسْمَانِ، أَحَدُهُمَا: مَا أَحْدَثَهُ الْمُسْلِمُونَ، كَبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، فَلَا يُمَكَّنُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ إِحْدَاثِ بَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ وَصَوْمَعَةِ رَاهِبٍ فِيهَا، وَلَوْ صَالَحَهُمْ عَلَى التَّمَكُّنِ مِنْ إِحْدَاثِهَا، فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ، وَالَّذِي يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ مِنَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وَبُيُوتِ النَّارِ لَا يُنْقَضُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي قَرْيَةٍ أَوْ بَرِيَّةٍ فَاتَّصَلَ بِهَا عِمَارَةُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ عُرِفَ إِحْدَاثُ شَيْءٍ بَعْدَ بِنَاءِ الْمُسْلِمِينَ، نُقِضَ.

الثَّانِي: بِلَادٌ لَمْ يُحْدِثُوهَا وَدَخَلَتْ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ، فَإِنْ أَسْلَمَ أَهْلُهَا، كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ، فَحُكْمُهَا كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَإِمَّا أَنْ تُفْتَحَ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا، الضَّرْبُ الْأَوَّلُ: مَا فُتِحَ عَنْوَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا كَنِيسَةٌ، أَوْ كَانَتْ وَانْهَدَمَتْ، أَوْ هَدَمَهَا الْمُسْلِمُونَ وَقْتَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ بِنَاؤُهَا، وَهَلْ يَجُوزُ تَقْرِيرُهُمْ عَلَى الْكَنِيسَةِ الْقَائِمَةِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ، الثَّانِي: مَا فُتِحَ صُلْحًا وَهُوَ نَوْعَانِ، أَحَدُهُمَا: فُتِحَ عَلَى أَنَّ رَقَبَةَ الْأَرْضِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَهُمْ يَسْكُنُونَهَا بِخَرَاجٍ، فَإِنْ شَرَطُوا إِبْقَاءَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ، جَازَ، وَكَأَنَّهُمْ صَالَحُوا عَلَى أَنَّ الْكَنَائِسَ لَهُمْ وَمَا سِوَاهَا لَنَا، وَإِنْ صَالَحُوا عَلَى إِحْدَاثِهَا أَيْضًا، جَازَ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ أَطْلَقُوا، لَمْ تُبْقَ الْكَنَائِسُ عَلَى الْأَصَحِّ، الثَّانِي: مَا فُتِحَ عَلَى أَنَّ الْبَلَدَ لَهُمْ يُؤَدُّونَ خَرَاجَهُ، فَيُقَرُّونَ عَلَى الْكَنَائِسِ وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ إِحْدَاثِهَا فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الْمِلْكَ وَالدَّارَ لَهُمْ، وَيُمَكَّنُونَ فِيهَا مِنْ إِظْهَارِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالصَّلِيبِ، وَإِظْهَارِ مَا لَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>