للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: أَمَّا الصُّورَتَانِ الْأُولَيَانِ، فَذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَلَيْسَ لَهُمَا دَلِيلٌ يُعْتَمَدُ. وَمَعْنَى «يُوَافِي نِعَمَهُ» أَيْ: يُلَاقِيهَا، فَتَحْصُلُ مَعَهُ، «وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ» بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ، أَيْ: يُسَاوِي مَزِيدَ نِعَمِهِ وَمَعْنَاهُ: يَقُومُ لِشُكْرِ مَا زَادَ مِنَ النِّعَمِ وَالْإِحْسَانِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَدْ ذَكَرَهَا عَنْ إِبْرَاهِيمِ الْمَرْوَزِيِّ وَحْدَهُ، وَقَدْ يَسْتَأْنِسُ لِذَلِكَ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَسْتَعْمِلُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ، وَلَعَلَّهُ أَوَّلَ مَنِ اسْتَعْمَلَهَا، وَلَكِنَّ الصَّوَابَ وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِهِ أَنَّ أَفْضَلَ مَا يُقَالُ عَقِيبَ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِلَى آخِرِهِ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ، فَقَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ إِلَى آخِرِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَصْلٌ

حَلَفَ: لَا يُصَلِّي، فَهَلْ يَحْنَثُ بِالتَّحَرُّمِ بِالصَّلَاةِ أَمْ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَرْكَعَ؟ أَمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا الْأَوَّلُ. وَلَوْ أَفْسَدَهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ، حَنِثَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَا يَحْنَثُ عَلَى الثَّالِثِ، وَلَا عَلَى الثَّانِي إِنْ لَمْ يَكُنْ رَكَعَ، وَلَا يَجِيءُ الثَّانِي إِذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ. وَلَوْ أَحْرَمَ مَعَ إِخْلَالِهِ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ، لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ لِعَدَمِ انْعِقَادِهَا. وَلَوْ حَلَفَ: مَا صَلَّيْتُ وَقَدْ أَتَى بِصُورَةِ صَلَاةٍ فَاسِدَةٍ، لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا، وَصَلَّى، حَنِثَ، لِأَنَّهَا صَلَاةٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الصَّلَاةَ الْمُجَزَّئَةَ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُصَلِّي صَلَاةً، لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَفْرُغَ.

قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ بِسُجُودِ الشُّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ وَالطَّوَافِ، وَيَحْنَثُ بِالصَّلَاةِ بِالْإِيمَاءِ، حَيْثُ يَحْكُمُ بِصِحَّتِهَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>