للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْوَاقِعَةِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا لَا، لِانْعِزَالِهِ بِالْعَمَى، كَمَا لَوِ انْعَزَلَ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ إِنْ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الْإِشَارَةِ، كَمَا لَوْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَهُوَ بَصِيرٌ، ثُمَّ عَمِيَ، وَأَمَّا شَهَادَةُ الْأَعْمَى فِيمَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ، فَسَيَأْتِي فِي الطَّرَفِ الثَّانِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَصْلٌ

إِذَا شَاهَدَ فِعْلَ إِنْسَانٍ، أَوْ سَمِعَ قَوْلَهُ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ، شَهِدَ عَلَيْهِ عِنْدَ حُضُورِهِ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ، وَعِنْدَ غَيْبَتِهِ وَمَوْتِهِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ دُونَ جَدِّهِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ فِي الشَّهَادَةِ، فَإِنْ عَرَفَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ جَازَ، وَكَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ، فَلَا تَصِحُّ كَمَا سَبَقَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ لَمْ يَكْتُبْ إِلَّا أَنِّي حَكَمْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، فَالْحُكْمُ بَاطِلٌ.

وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ نَسَبَهُ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ إِلَى رَفْعِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ إِلَّا بِمَا عَرَفَ، لَكِنَّ الشَّهَادَةَ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - لَا تُفِيدُ، وَقَالَ الْإِمَامُ: لَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ إِلَّا بِاسْمِهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِاسْمِ أَبِيهِ، لَكِنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى مُجَرَّدِ الِاسْمِ قَدْ لَا تَنْفَعُ فِي الْغَيْبَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ لَا يَشْهَدُ بِمَا لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِهِ. وَلَوْ سَمِعَ اثْنَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَ هَذَا الرَّجُلَ فِي بَيْعِ دَارِهِ، وَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ، شَهِدَ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ، وَلَمْ يَشْهَدْ بِالْوِكَالَةِ.

وَكَتَبَ الْقَفَّالُ فِي مِثْلِهِ أَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى شَاهِدَيِ الْوِكَالَةِ، وَكَأَنَّهُمَا أَشْهَدَاهُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا، وَلَوْ حَضَرَ عَقْدَ نِكَاحٍ زَعَمَ الْمُوجِبُ أَنَّهُ وَلِيُّ الْمَخْطُوبَةِ، أَوْ وَكِيلُ وَلِيِّهَا وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ وَلِيًّا وَلَا وَكِيلًا، أَوْ عَرَفَ الْوِلَايَةَ أَوِ الْوِكَالَةَ، وَلَمْ يَعْرِفْ رِضَى الْمَرْأَةِ وَهِيَ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، لَمْ يَشْهَدْ عَلَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، لَكِنْ يَشْهَدُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>