للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى الْأَظْهَرِ.

وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوِ ادَّعَى مَالًا وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ، ثُمَّ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا، وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ، فَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ، فَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَحْلِفَ، أَوْ يُقِرَّ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ حَقُّ الْمُدَّعِي، فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِسْقَاطِهَا، لَكِنَّ التَّقْصِيرُ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ شَاهِدِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُحْبَسَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ نَحْوَ هَذَا. وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ مِنَ الْحَلْفِ مَعَ شَاهِدِهِ وَاسْتِحْلَافِهِ الْخَصْمَ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ، فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ، نَقَلَ الْمَحَامِلِيُّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْيَمِينَ صَارَتْ فِي جَانِبِ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يَعُودَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، وَيَسْتَأْنِفَ الدَّعْوَى، وَيُقِيمَ الشَّاهِدَ، فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ مَعَهُ.

فَصْلٌ

جَارِيَةٌ وَوَلَدُهَا فِي يَدِ رَجُلٍ يَسْتَرِقُّهُمَا، فَقَالَ آخَرُ: هَذِهِ مُسْتَوْلَدَتِي وَالْوَلَدُ مِنِّي عَلَّقَتْ بِهِ فِي مِلْكِي، فَإِنْ أَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدَيْنِ ثَبَتَ مَا يَدَّعِيهِ، وَإِنْ أَقَامَ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَحَلَفَ مَعَهُ، ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَوْلَدَةِ حُكْمُ الْمَالِ، فَيُسَلَّمُ إِلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ، حُكِمَ بِعِتْقِهَا بِإِقْرَارِهِ، وَهَلْ يُحْكَمُ لَهُ بِالْوَلَدِ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي مِلْكَهُ، بَلْ نَسَبَهُ وَحُرِّيَّتَهُ، وَهُمَا لَا يَثْبُتَانِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ، فَيَبْقَى الْوَلَدُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ.

وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي، فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْإِقْرَارِ وَاللَّقِيطِ فِي اسْتِلْحَاقِ عَبْدِ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي: نَعَمْ تَبَعًا لَهَا، فَيُنْتَزَعُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَيَكُونُ حُرًّا نِسْبِيًّا بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي. وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ شَخْصٌ ادَّعَى أَنَّهُ رَقِيقُهُ، فَادَّعَى آخِرُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، نَصَّ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ يُنْتَزَعُ مِنْهُ، وَيُحْكَمُ بِأَنَّهُ عُتِقَ عَلَى الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ، فَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: (فِي) قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَالِانْتِزَاعِ قَوْلَانِ، كَالصُّورَةِ السَّابِقَةِ، لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>