للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقَاضِي أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَ شَاهِدِ الْأَصْلِ، أَوْ يَبْعَثَ نَائِبَهُ إِلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِابْتِذَالِ.

وَمِنْهَا: الْغَيْبَةُ إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَإِنْ كَانَتْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ، مِنْهُمُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْمَسَافَةُ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ الْأَصْلُ بُكْرَةً لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ، أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ إِلَى أَهْلِهِ لَيْلًا، لَمْ تُسْمَعْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ، وَتُسَمَّى هَذِهِ مَسَافَةَ الْعَدْوَى، وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فَهُوَ مَوْضِعُ الْوَجْهَيْنِ وَأَصَحُّهُمَا، سْمَعُ.

فَصْلٌ

يَجِبُ عَلَى الْفُرُوعِ تَسْمِيَةُ الْأُصُولِ وَتَعْرِيفُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ عَدَالَتِهِمْ، وَلَا تُعْرَفُ عَدَالَتُهُمْ مَا لَمْ يُعْرَفُوا. وَلَوْ وَصَفُوهُمْ بِالْعَدَالَةِ وَلَمْ يُسَمُّوهُمْ بِأَنْ قَالُوا: نَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عُدُولٍ، لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ يَعْرِفُ جُرْحَهُمْ لَوْ سَمَّوْهُمْ، وَلِأَنَّهُ يَنْسَدُّ بَابُ الْجَرْحِ عَلَى الْخَصْمِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ تَزْكِيَةُ شُهُودِ الْأَصْلِ، بَلْ لَهُمْ إِطْلَاقُ الشَّهَادَةِ، ثُمَّ الْقَاضِي يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ، وَحَكَى الْبَغَوِيُّ وَجْهًا فِي اشْتِرَاطِهَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَحُكِيَ وَجْهٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ الْفُرُوعُ: أَشْهِدْنَا عَلَى شَهَادَتِهِ، وَكَانَ عَدْلًا إِلَى الْيَوْمِ أَوْ إِلَى أَنْ مَاتَ تَفْرِيعًا عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّهُ لَوْ فُسِّقَ الْأَصْلُ، ثُمَّ تَابَ، لَمْ يَكُنْ لِلْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ إِلَّا بِإِشْهَادٍ جَدِيدٍ، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ.

فَإِنْ قُلْنَا بِالصَّحِيحِ إِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ تَزْكِيَةُ الْأَصْلِ، فَلَوْ زَكَّوْهُمْ وَهُمْ بِصِفَاتِ الْمُزَكِّينَ، فَالْمَذْهَبُ - وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ - أَنَّهُ تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُمْ، وَتَثْبُتُ عَدَالَتُهُمْ، وَالْمَعْرُوفُ فِيمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ فِي وَاقِعَةٍ، وَزَكَّى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ عَدَالَةُ الثَّانِي، فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا عَلَى وَجْهَيْنِ بِالتَّخْرِيجِ، وَالْمَذْهَبُ الْفَرْقُ أَنَّ تَزْكِيَةَ الْفُرُوعِ الْأُصُولَ مِنْ تَتِمَّةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلِذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>