للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنَ الْإِسْرَاعِ تَغَيُّرَ الْمَيِّتِ، فَيَتَأَنَّى. وَالْمُرَادُ بِالْإِسْرَاعِ: فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ دُونَ الْخَبَبِ، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ تَغَيُّرٌ، أَوِ انْفِجَارٌ، أَوِ انْتِفَاخٌ، زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ.

قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْكَبَ فِي ذَهَابِهِ مَعَ الْجِنَازَةِ إِلَّا لِعُذْرٍ، وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الرُّجُوعِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْجُمُعَةِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً، اسْتُحِبَّ أَنْ يُتَّخَذَ لَهَا مَا يَسْتُرُهَا، كَالْخَيْمَةِ، وَالْقُبَّةِ. قَالُوا: وَإِتْبَاعُ الْجَنَائِزِ سُنَّةٌ مُتَأَكَّدَةٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَتْبَعْنَ. ثُمَّ قِيلَ: الِاتِّبَاعُ حَرَامٌ عَلَيْهِنَّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ إِذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ حَرَامًا. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ اتِّبَاعُ جِنَازَةِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: يُكْرَهُ أَنْ تُتْبَعَ الْجِنَازَةُ بِنَارٍ فِي مِجْمَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ. وَالْمَذْهَبُ: الْكَرَاهَةُ. وَكَذَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْقَبْرِ مِجْمَرَةٌ. وَأَمَّا النِّيَاحَةُ وَالصِّيَاحُ وَرَاءَ الْجِنَازَةِ، فَحَرَامٌ شَدِيدُ التَّحْرِيمِ. وَيُكْرَهُ اللَّغَطُ فِي الْمَشْيِ مَعَهَا، وَالْحَدِيثُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا، بَلِ الْمُسْتَحَبُّ الْفِكْرُ فِي الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ، وَفَنَاءِ الدُّنْيَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا: وَإِذَا مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ وَلَمْ يُرِدِ الذَّهَابَ مَعَهَا، لَمْ يَقُمْ لَهَا، بَلْ نَصَّ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا عَلَى كَرَاهَةِ الْقِيَامِ. وَنَقَلَ الْمَحَامِلِيُّ إِجْمَاعَ الْفُقَهَاءِ عَلَيْهِ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ (التَّتِمَّةِ) بِاسْتِحْبَابِ الْقِيَامِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ، قَالَ الْجُمْهُورُ: الْأَحَادِيثُ مَنْسُوخَةٌ. وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي (شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

بَابٌ

الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ

تَقَدَّمَ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَيُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ، أَنْ يَكُونَ مَيِّتًا مُسْلِمًا غَيْرَ شَهِيدٍ، فَلَوْ وُجِدَ بَعْضُ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ، لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>