للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

لَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلَمْ يَنْوِ الزَّكَاةَ، لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الزَّكَاةُ.

فَصْلٌ

يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ السُّعَاةَ لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ. وَالْأَمْوَالُ ضَرْبَانِ: مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ، وَمَا لَا يُعْتَبَرُ كَالزَّرْعِ وَالثِّمَارِ، فَهَذَا يَبْعَثُ السُّعَاةَ فِيهِ لِوَقْتِ وُجُوبِهِ، وَهُوَ إِدْرَاكُ الثِّمَارِ وَاشْتِدَادُ الْحَبِّ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَالْحَوْلُ مُخْتَلِفٌ فِي حَقِّ النَّاسِ، فَيَنْبَغِي لِلسَّاعِي أَنْ يُعَيِّنَ شَهْرًا فَيَأْتِيَهِمْ فِيهِ. وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّهْرُ الْمُحَرَّمَ، صَيْفًا كَانَ أَوْ شِتَاءً، فَإِنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ تَعْيِينِ الشَّهْرِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي وَجْهٍ: يَجِبُ. ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ فِي آخِرِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ قَبْلَ الْمُحَرَّمِ؛ لِيَصِلَهُمْ فِي أَوَّلِهِ، ثُمَّ إِذَا جَاءَهُمْ فَمَنْ تَمَّ حَوْلُهُ أَخَذَ زَكَاتَهُ، وَمَنْ لَمْ يَتِمَّ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلِ اسْتَنَابَ مَنْ يَأْخُذُ زَكَاتَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ إِلَى مَجِيئِهِ مِنْ قَابِلٍ، فَإِنْ وَثِقَ بِهِ فَوَّضَ التَّفْرِيقَ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الْمَاشِيَةُ تَرِدُ الْمَاءَ أَخَذَ زَكَاتَهَا عَلَى مِيَاهِهِمْ، وَلَا يُكَلِّفُهُمْ رَدَّهَا إِلَى الْبَلَدِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتْبَعَ الْمَرَاعِيَ، فَإِنْ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ مَاءَانِ، أَمَرَ بِجَمْعِهَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا، وَإِنِ اكْتَفَتِ الْمَاشِيَةُ بِالْكَلَأِ فِي وَقْتِ الرَّبِيعِ وَلَمْ تَرِدِ الْمَاءَ، أَخَذَ الزَّكَاةَ فِي بُيُوتِ أَهْلِهَا وَأَفْنِيَتِهِمْ. هَذَا لَفْظُ الشَّافِعِيِّ، وَمُقْتَضَاهُ تَجْوِيزُ تَكْلِيفِهِمُ الرَّدَّ إِلَى الْأَفْنِيَةِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِذَا أَرَادَ مَعْرِفَةَ عَدَدِهَا فَأَخْبَرَهُ الْمَالِكُ، وَكَانَ ثِقَةً، صَدَّقَهُ، وَإِلَّا عَدَّهَا، وَالْأَوْلَى أَنْ تُجْمَعَ فِي حَظِيرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَيُنْصَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>