للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ بِهِ، لَيْسَ بِجَيِّدٍ، فَإِنَّهُ مَسْنُونٌ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ بِلَا شَكٍّ، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ لَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَسْنُونِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ: لَا مَنْعَ مِنْهُ فِي الْمُخَاطَبَةِ بِخِلَافِ الْغَيْبَةِ، وَأَمَّا اسْتِحْبَابُهُ فِي الْمُخَاطَبَةِ فَمَعْرُوفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ

التَّعْجِيلُ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ. وَحَكَى الْمُوَفَّقُ أَبُو طَاهِرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ حَرْبَوَيْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْعَ التَّعْجِيلِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَا تَفْرِيعَ عَلَيْهِ. ثُمَّ مَالُ الزَّكَاةِ ضَرْبَانِ: مُتَعَلِّقٌ بِالْحَوْلِ، وَغَيْرُ مُتَعَلِّقٍ.

فَالْأَوَّلُ: يَجُوزُ تَعْجِيلُ زَكَاتِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ تَمَامِ النِّصَابِ فِي الزَّكَاةِ الْعَيْنِيَّةِ. أَمَّا إِذَا اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَعَجَّلَ زَكَاةَ مِائَتَيْنِ، وَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ، فَيُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ عَنِ الزَّكَاةِ، عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْعُرُوضِ بِآخِرِ الْحَوْلِ، وَلَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً مَعْلُوفَةً، فَعَجَّلَ شَاةً عَازِمًا أَنْ يُسَمِّيَهَا حَوْلًا، لَمْ يَقَعْ عَنِ الزَّكَاةِ إِذَا أَسَامَهَا؛ لِأَنَّ الْمَعْلُوفَةَ لَيْسَتْ مَالَ زَكَاةٍ، فَهِيَ كَمَا دُونَ النِّصَابِ. وَإِنَّمَا يُعَجِّلُ بَعْدَ انْعِقَادِ حَوْلٍ. فَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ عَامَيْنِ فَصَاعِدًا، لَمْ يُجْزِئْهُ عَمَّا عَدَا السَّنَةِ الْأُولَى عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. مِنْهُمْ مُعْظَمُ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ، وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِي تَسَلُّفِ صَدَقَةِ عَامَيْنِ مِنَ الْعَبَّاسِ عَلَى التَّسَلُّفِ دُفْعَتَيْنِ. فَإِنْ جَوَّزْنَا مَا زَادَ، فَذَلِكَ إِذَا بَقِيَ مَعَهُ فِي بَعْدِ التَّعْجِيلِ نِصَابٌ كَامِلٌ، بِأَنْ مَلَكَ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ. فَإِنْ لَمْ يَبْقَ نِصَابٌ كَامِلٌ، بِأَنْ مَلَكَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ مِنْهَا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ، فَإِنْ جَوَّزْنَا صَدَقَةَ عَامَيْنِ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَنْوِيَ تَقْدِيمَ زَكَاةٍ لِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى؟ وَجْهَانِ كَتَقْدِيمِ صَلَاةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فِي الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>