للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْمَالِ

قَالَ الْجُمْهُورُ: فِيهِ قَوْلَانِ. الْقَدِيمُ: يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَالْجَدِيدُ الْأَظْهَرُ: بِالْعَيْنِ، وَيَصِيرُ الْمَسَاكِينُ شُرَكَاءَ لِرَبِّ الْمَالِ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ. هَكَذَا صَحَّحَهُ الْجُمْهُورُ، وَزَادَ آخَرُونَ قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ، وَقَوْلًا رَابِعًا: تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ تَعَلُّقَ الْأَرْشِ بِرَقَبَةِ الْجَانِي، وَمِمَّنْ زَادَ الْقَوْلَيْنِ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ. وَأَمَّا الْعِرَاقِيُّونَ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْجُمْهُورُ، فَجَعَلُوا قَوْلَ الذِّمَّةِ وَتَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ شَيْئًا وَاحِدًا، فَقَالُوا: تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَالْمَالُ مُرْتَهَنٌ بِهَا، وَجَمَعَ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ، فَحَكَى وَجْهَيْنِ، فِي أَنَّا إِذَا قُلْنَا: تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، فَهَلِ الْمَالُ خُلُوٌّ، أَمْ هُوَ رَهْنٌ بِهَا؟ وَإِذَا قُلْنَا كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ إِمَّا قَوْلًا بِرَأْسِهِ وَإِمَّا جُزْءًا مِنْ قَوْلِ الذِّمَّةِ، فَهَلْ يُجْعَلُ جَمِيعُ الْمَالِ مَرْهُونًا بِهَا، أَمْ يُخَصُّ قَدْرُ الزَّكَاةِ بِالرَّهْنِ؟ وَجْهَانِ، وَكَذَا إِذَا قُلْنَا: كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ، فَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ، أَمْ بِقَدْرِهَا؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ.

قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَالتَّخْصِيصُ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ، وَمَا عَدَاهُ هَفْوَةٌ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ. أَمَّا إِذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ، كَالشَّاةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْإِبِلِ، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِتَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ، وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ، فَعَلَى الِاسْتِئْنَافِ لَا يَخْتَلِفُ، وَعَلَى الشَّرِكَةِ يُشَارِكُونَ بِقِيمَةِ الشَّاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>