للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَاجِبَةٌ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ، وَنُقِلَ عَنِ الْقَدِيمِ تَرْدِيدُ قَوْلٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَهُ فِي الْقَدِيمِ قَوْلَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُثْبِتْ خِلَافَ الْجَدِيدِ.

وَمَالُ التِّجَارَةِ: كُلُّ مَا قُصِدَ الِاتِّجَارُ فِيهِ عِنْدَ اكْتِسَابِ الْمِلْكِ بِمُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ. وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْقُيُودِ أَنَّ مُجَرَّدَ نِيَّةِ التِّجَارَةِ لَا تُصَيِّرُ الْمَالَ مَالَ تِجَارَةٍ، فَلَوْ كَانَ لَهُ عَرْضُ قِنْيَةٍ مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَجَعَلَهُ لِلتِّجَارَةِ، لَمْ يَصِرْ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجَمَاهِيرُ، وَقَالَ الْكَرَابِيسِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا: يَصِيرُ. وَأَمَّا إِذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّةُ التِّجَارَةِ بِالشِّرَاءِ، فَإِنَّ الْمُشْتَرَى يَصِيرُ مَالَ تِجَارَةٍ، وَيَدْخُلُ فِي الْحَوْلِ، سَوَاءٌ اشْتُرِيَ بِعَرْضٍ أَوْ نَقْدٍ، أَوْ دَيْنِ حَالٍّ، أَوْ مُؤَجَّلٍ. وَإِذَا ثَبَتَ حُكْمُ التِّجَارَةِ، لَا تَحْتَاجُ كُلُّ مُعَامَلَةٍ إِلَى نِيَّةٍ جَدِيدَةٍ. وَفِي مَعْنَى الشِّرَاءِ، لَوْ صَالَحَ عَنْ دَيْنٍ لَهُ فِي ذِمَّةِ إِنْسَانٍ عَلَى عَرْضٍ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ، صَارَ لِلتِّجَارَةِ، سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ قَرْضًا، أَوْ ثَمَنَ مَبِيعٍ، أَوْ ضَمَانَ مُتْلَفٍ. وَكَذَلِكَ الِاتِّهَابُ بِشَرْطِ الثَّوَابِ إِذَا نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ. وَأَمَّا الْهِبَةُ الْمَحْضَةُ، وَالِاحْتِطَابُ، وَالِاحْتِشَاشُ، وَالِاصْطِيَادُ، وَالْإِرْثُ، فَلَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ التِّجَارَةِ، وَلَا أَثَرَ لِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِهَا. وَكَذَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالِاسْتِرْدَادُ، حَتَّى لَوْ بَاعَ عَرْضَ قِنْيَةٍ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ، ثُمَّ وَجَدَ بِمَا أَخَذَهُ عَيْبًا فَرَدَّهُ، وَاسْتَرَدَّ الْأَوَّلَ عَلَى قَصْدِ التِّجَارَةِ، أَوْ وَجَدَ صَاحِبُهُ بِمَا أَخَذَ عَيْبًا، فَرَدَّهُ، فَقَصَدَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِأَخْذِهِ التِّجَارَةَ، لَمْ يَصِرْ مَالَ تِجَارَةٍ. وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ ثَوْبُ قِنْيَةٍ، فَاشْتَرَى بِهِ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ، ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ الثَّوْبُ بِالْعَيْبِ، انْقَطَعَ حَوْلُ التِّجَارَةِ، وَلَمْ يَكُنِ الثَّوْبُ الْمَرْدُودُ مَالَ تِجَارَةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الثَّوْبُ لِلتِّجَارَةِ أَيْضًا، فَإِنَّهُ يَبْقَى حُكْمُ التِّجَارَةِ فِيهِ. وَكَذَا لَوْ تَبَايَعَ تَاجِرَانِ، ثُمَّ تَقَايَلَا، يَسْتَمِرُّ حُكْمُ التِّجَارَةِ فِي الْمَالَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>