للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قُلْنَا: الْجَمِيعُ لِلْمَالِكِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَلَا زَكَاةَ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْعَامِلِ حِصَّةٌ مِنَ الرِّبْحِ، فَفِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. فَإِذَا أَوْجَبْنَاهُ، فَذَاكَ إِذَا بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا، أَوْ كَانَ لَهُ مَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ. وَلَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ، وَلَا يَجِيءُ فِي اعْتِبَارِ الْحَوْلِ هُنَا إِلَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ، وَلَيْسَ لَهُ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ مِنَ الْمَالِ زَكَاةً، هَكَذَا ذَكَرُوهُ، وَلِمَانِعٍ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَامَلَ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ.

بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ

اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِنِ، وَلَا زَكَاةَ فِيمَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْمَعْدِنِ إِلَّا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَحُكِيَ وَجْهٌ أَنَّهُ تَجِبُ زَكَاةُ كُلِّ مُسْتَخْرِجٍ مِنْهُ، مُنْطَبِعًا كَانَ، كَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ أَوْ غَيْرِهِ، كَالْكُحْلِ وَالْيَاقُوتِ، وَهَذَا شَاذٌّ مُنْكَرٌ. وَفِي وَاجِبِ النَّقْدَيْنِ الْمُسْتَخْرَجَيْنِ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَظْهَرُهَا: رُبُعُ الْعُشْرِ، وَالثَّانِي: الْخُمُسُ، وَالثَّالِثُ: إِنْ نَالَهُ بِلَا تَعَبٍ وَمَئُونَةٍ فَالْخُمُسُ، وَإِلَّا فَرُبُعُ الْعُشْرِ. ثُمَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْأَكْثَرُونَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي ضَبْطِ الْفَرْقِ الْحَاجَةُ إِلَى الطَّحْنِ، وَالْمُعَالَجَةُ بِالنَّارِ، وَالِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُمَا، فَمَا احْتَاجَ، فَرُبُعُ الْعُشْرِ، وَمَا اسْتَغْنَى عَنْهُمَا فَالْخُمُسُ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ نِصَابًا. وَقِيلَ فِي اشْتِرَاطِهِ قَوْلَانِ. وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي مُعْظَمِ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْحَوْلُ. وَقِيلَ فِي اشْتِرَاطِهِ قَوْلَانِ. وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ فِيهِمَا الْقِيَاسُ عَلَى الْمُعَشَّرَاتِ، وَلِأَنَّ مَا دُونَ النِّصَابِ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ تَنْمِيَةِ الْمَالِ، وَهَذَا نَمَا فِي نَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>