للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَذْهَبِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجَمَاهِيرُ. وَقِيلَ: فِي تَعْيِينِهِ قَوْلَانِ. وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ مَسْجِدَ الْأَقْصَى، تَعَيَّنَ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَقِيلَ: الْأَظْهَرُ يَتَعَيَّنُ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ لِلصَّلَاةِ. وَقِيلَ: لَا يَتَعَيَّنُ قَطْعًا.

وَإِذَا حَكَمْنَا بِالتَّعْيِينِ، فَإِنْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ. وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، لَمْ يَقُمْ مَقَامَهُ إِلَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ. وَإِنْ عَيَّنَ الْأَقْصَى، لَمْ يَقُمْ مَقَامَهُ إِلَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ.

وَإِذَا حَكَمْنَا بِعَدَمِ التَّعْيِينِ، فَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ بَعْدَ الشُّرُوعِ لِيَنْتَقِلَ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ، لَكِنْ لَوْ كَانَ يَنْتَقِلُ فِي خُرُوجِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ، جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ.

أَمَّا إِذَا عَيَّنَ زَمَنَ الِاعْتِكَافِ فِي نَذْرِهِ، فَفِي تَعْيِينِهِ وَجْهَانِ.

الصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ، فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ كَانَ قَضَاءً.

وَالثَّانِي: لَا يَتَعَيَّنُ، كَمَا لَا يَتَعَيَّنُ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي تَعْيِينِ زَمَنِ الصَّوْمِ.

فَصْلٌ

مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ مُدَّةٍ وَأَطْلَقَ، نُظِرَ، إِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ، لَزِمَهُ كَمَا لَوْ شَرَطَ التَّتَابُعَ فِي الصَّوْمِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرُطْ، بَلْ قَالَ: عَلَيَّ شَهْرٌ أَوْ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، فَلَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ عَلَى الْمَذْهَبِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ.

وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَهُوَ شَاذٌّ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ نَوَى التَّتَابُعَ بِقَلْبِهِ، فَفِي لُزُومِهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَلْزَمُ.

وَلَوْ شَرَطَ تَفْرِيقَهُ، فَهَلْ يُجْزِئُهُ الْمُتَتَابَعُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يُجْزِئُهُ، لِأَنَّهُ أَفْضَلُ.

وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ، فَهَلْ يَجُوزُ تَلْفِيقُ سَاعَاتِهِ مِنْ أَيَّامٍ؟ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَا، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الْيَوْمِ، الْمُتَّصِلُ. وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الْخَلِيلِ، أَنَّ الْيَوْمَ: اسْمٌ لِمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ. وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي أَثْنَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>