للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُنِعُوا وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنَ الْمُضِيِّ إِلَّا بِبَذْلِ مَالٍ، فَلَهُمُ التَّحَلُّلُ، وَلَا يَبْذِلُونَ الْمَالَ وَإِنْ قَلَّ، بَلْ يُكْرَهُ الْبَذْلُ إِنْ كَانَ الطَّالِبُونَ كُفَّارًا، لِمَا فِيهِ مِنَ الصِّغَارِ. وَإِنِ احْتَاجُوا إِلَى قِتَالٍ لِيَسِيرُوا، نُظِرَ، إِنْ كَانَ الْمَانِعُونَ مُسْلِمِينَ، فَلَهُمُ التَّحَلُّلُ، وَلَا يَلْزَمُهُمُ الْقِتَالُ وَإِنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا، فَقِيلَ: يَلْزَمُهُمْ قِتَالُهُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى الضِّعْفِ.

وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: هَذَا الْإِطْلَاقُ لَيْسَ بِمَرْضِيٍّ، بَلْ شَرْطُهُ وِجْدَانُهُمُ السِّلَاحَ، وَأُهْبَةَ الْقِتَالِ. فَإِنْ وَجَدُوا، فَلَا سَبِيلَ إِلَى التَّحَلُّلِ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِتَالُ، وَإِنْ كَانَ فِي مُقَابَلَةِ كُلِّ مُسْلِمٍ أَكْثَرُ مِنْ كَافِرَيْنَ، لَكِنْ إِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ، نُصْرَةً لِلْإِسْلَامِ، وَإِتْمَامًا لِلْحَجِّ. وَإِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَتَحَلَّلُوا، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَوْ قَاتَلُوا، فَلَهُمْ لِبْسُ الدُّرُوعِ وَالْمَغَافِرِ، وَعَلَيْهِمِ الْفِدْيَةُ كَمَنْ لَبِسَ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ.

فَرْعٌ

مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ جَوَازِ التَّحَلُّلِ بِلَا خِلَافٍ، هُوَ فِيمَا إِذَا مَنَعُوا الْمُضِيَّ، دُونَ الرُّجُوعِ. فَأَمَّا لَوْ أَحَاطَ بِهِمُ الْعَدُوُّ مِنَ الْجَوَانِبِ كُلِّهَا، فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: جَوَازُ التَّحَلُّلِ أَيْضًا. وَالثَّانِي: لَا، إِذْ لَا يَحْصُلُ بِهِ أَمْنٌ.

فَصْلٌ

لَيْسَ لِلْمُحْرِمِ التَّحَلُّلُ بِعُذْرِ الْمَرَضِ، بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَبْرَأَ. فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ، أَتَمَّهَا. وَإِنْ كَانَ بِحَجٍّ وَفَاتَهُ، تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِالتَّحَلُّلِ زَوَالَ الْمَرَضِ، بِخِلَافِ الْمُحْصَرِ. هَذَا إِذَا لَمْ يَشْرِطِ التَّحَلُّلَ بِالْمَرَضِ. فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ إِذَا مَرِضَ تَحَلَّلَ، فَطَرِيقَانِ. قَالَ الْجُمْهُورُ: يَصِحُّ الشَّرْطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>