للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القاعدة الثامنة والستون]

قاعدة: "كاف التشبيه" تدل على مطلقه، ويتعين محل ذلك بالقرائن وقد يخرج عن الحرفية إلى الاسمية، فتستعمل فاعلة ومفعولة ومجرورة وقال سيبويه: لا تخرج إلى هذا إلا في ضرورة الشعر، وأجازه الأخفش وغيره في الكلام، وقال بعضهم يكون اسما دائما، و"مثل" أيضا تدل على مطلق للتشبيه، وما أخذ منها أيضا.

إذا علمت هذا، فيتفرع على القاعدة فروع: منها: إذا قال: أحرمت كإحرام زيد، أو بمثل ما أحرم به فلان، صح، وانعقد إجرامه بمثله، جزم به أكثر الأصحاب.

ومنها: إذا قال: أنت طالق كالثلج، أو كالنار، طلقت واحدة، وهو قول الشافعية، وقال أبو حنيفة: إن أراد كالثلج في البياض، وكالنار في الإضاءة طلقت للسنة، وإن أراد كالبرودة، وكالإحراق، طلقت للبدعة.

ومنها: إذا قال: أنت علي كالدم، وكالميتة، والخمر، والخنزير، وقع ما نواه من الطلاق والظهار واليمين جزم به في "المقنع" و "الوجيز" فإن لم ينو شيئا فهل يكون ظهارا أو يمينا؟ على وجهين أطلقهما في "المقنع"، وجزم في "الوجيز" أنه ظهار. وقال الأسنوي: "إن أراد الاستقذار صدق، وإن أراد الطلاق أو الظهار نفذ، وإن نوى التحريم لزمه الكفارة".، وإن أطلق، فقال الرافعي: ظاهر النص أنه كالتحريم، وذكر البغوي أنه لا شيء عليه. وكذا قال فيهم: "مثل الميتة" ونحوه، لأن "مثل" للتشبيه.

ومنها: إذا رأي امرأته تفعل شيئا، فقال: إن عدت لمثل هذا فأنت طالق، طلقت إذا فعلت مثله والله أعلم ومنها: إذا قال: لعمرو علي كمالك أو مثل مالك، فإن قال: أردت بهذا التهزئ لزمه حق لهما يفسره وقيل: لا يلزمه شيء.

ومنها: إذا قال: أنت طالق كألف، أو مثل ألف، طلقت ثلاثا، جزم به في "المقنع" وقدمه في "الفروع"، ولو نوى واحدة نص عليه، وإن نوى كألف في صعوبتها، ففي قبلوه في الحكم الخلاف، فإذا أوقعتا الثلاث أتم بالزيادة ذكره في "الانتصار" و "المستوعب"، والله أعلم.

ومنها: إذا قال لعبده: أنت حر مثل هذا العبد، أو كهذا العبد، وأشار إلى عبد آخر، فلم أر لأصحابنا فيها كلاما، لكن ينبغي أن يعتق، أو أن يعتقان، لأنه لما قال للأول: أنت حر عتق، ولما قال: مثل عتق الثاني، لأنه مثل الحريتين، لأن معنى قوله: أنت حر مثل حرية هذا، ولا تمثل الحرية على رق، وإنما تمثل بالحرية، فكأنه أعتق العبدين، وقال الروياني من الشافعية: يحتمل أن لا يعتق المشبه لعدم حرية المشبه به، وتكون الحرية في كلامه محمولة على حرية الخلق. قال: فلو لم يذكر العبد، بل قال: أنت حر مثل هذا، فيحتمل أن يعتق. قال الأسنوي "والأصح أنهما لا يعتقان، وقال النووي: ينبغي عتق المشبه في الصورة الأولى". قال: "الصواب عتقهما في الثانية أيضا".

قال الأسنوي: "وما ذكره في الصورة الأولى واضح.. وما قاله في الثانية ضعيف". قال: "والصواب فيها عتق الأول دون الثاني".

ومنها: إذا قال: أنت طالق كالحصي، أو كالقطر، أو كالملح، أو كالرمل، أو كالبحار، أو كالجبال، ونحوه. فإن أراد العدد طلقت ثلاثا، كما لو قال: كالثلح وتقدمت، وإن أراد غير العدد طلقت واحدة، كما لو قال: كالثلج، وتقدمت.

ومنها: إذا قال: أنت علي ظهر أمي، كان مظاهرا، فإن قال: كأمي كان مظاهرا، وإن قال: أردت في الكراهة دين، وهل يقبل في الحكم، يخرج على روايتين.

[القاعدة التاسعة والستون]

قاعدة: إذا نصب المضارع ب "حتى" فمذهب البصريين أنها حرف جر، والنصب بإضمار بعدها "أن" وقال الكوفيون: هي الناصب، وحين نصبت كانت للتعليل وللغاية. وذكر ابن هشام وتبعه ابن مالك إنها تأتي بمعنى"إلا أن" فتكون للاستثناء المنقطع إذا علمت هذا.. فمن فروع القاعدة: إذا قال: أنت طالق حتى يتم الثلاث، ولم أر لأصحابنا فيها شيء، وينبغي أن تطلق ثلاثا، كما هو أحد الوجهين، في مذهب الشافعي، وكذا إذا قال: حتى أكمل الثلاث، أو أوقع عليك ثلاثا.

ومنها: إذا قال لعبده: أنت حر حتى تكمل الحرية، فإن يصير حر بهذا، والله أعلم.

<<  <   >  >>