للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاسترقه كثير فقال [طويل] :

ألا ليتنا يا عز كنا لدى غنى ... بعيرين نرعى في الفلاة ونعزب

قال أحمد بن يحيى: "وهذا مما كره من سوء الأمنية".

[٩٢٦ ومثله قول مجنون بني عامر [طويل] :]

خليلي لا والله لا أملك الذي ... قضى الله في ليل لا ما قضى ليا

قضاها لغيري وابتلاني بحبها ... فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا

قال: "فلما قال: فهلا بشيء، ذهب بصره" وفي رواية أخرى، مرض.

[٩٢٧ ومن فساد المعنى قول لبيد [رمل] :]

لو يقول الفيل أو فياله ... زل عن مثل مقامي وزحل

[فظن] أن للفيال حيلاً كحيل الفيل، فتبعه في هذه الإساءة كعب بن زهير فقال [بسيط] :

لقد أقوم مقاماً لا يقوم به ... غيري وأسمع ما لا يسمع الفيل

فظل يرعد إلا أن يكون له ... من النبي بإذن الله تنويل

فجرى على سبيله في الإساءة الآخر، فقال:

... ض ... يوم القيا ... ... ... فصائل والحصيل

[وزاد في الإساءة] والتقصير والتهافت في قبح الاتباع قول الشماخ [وافر] :

إذا بلغتني وحملت رحلي ... عرابة فأشرقي بدم الوتين

حرمت على الأزمة والولايا ... وأعلاق الجحالة والوضين

قال أبو علي: ولم أر أحداً من علماء العشر يحمد هذا المذهب من الشماخ، ولا أوجد له وجهاً مرضياً في وصف النوق التي تمتطيها الشعراء إلى الممدوحين، وكان أحيحة بن الجلاح قال للشماخ لما أنشده هذه البيت: "بئس المجازاة جازيتها به" فاقتفى ذو الرمة مذهبه في الإساءة، فقال [طويل] :

إذا ابن أبي موسى بلالاً بلغته ... فقام بفأس بين وصليك جازر

فاحتذى حذوهما أبو دهبل الجمحي فقال [مجزوء الكامل] :

يا ناق سيري وأشرقي ... بدم إذا جئت المغيرة

سيشيبني أخرى سوا ... ك، وتلك لي منه يسيره

فاقتضب لفظ ذي الرمة ابن أبي عاصية السلمي فقال [كامل] :

إن زال معن بني شريك لم يزل ... يدني إلى سفر بعير مسافر

ندر علي لئن لقيتك سالماً ... أن تستمر بها شفار الجازر

ثم نحرها عند وصولها إليه، فبلغ ذلك معنا فتطير، وقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: نذر كان علي، وأنشده الشعر، فقال معن أطعمونا من كبد هذه المظلومة.

٩٢٨ أخبرنا محمد بن يحيى اليزيدي عن أحمد بن سليمان بن وهب أن محمد بن علي الهمداني، لما أنشد عبيد الله بن يحيى بن خاقان، قصيدته فيه، فقال [بسيط] :

إلى الوزير عبيد الله مقصدها ... أعني ابن يحيى حياة الدين والكرم

إذا رميت برحلي في ذراه فلا ... نلت المنى منه إن لم تشرقي بدم

وليس ذاك بجرم منك أعلمه ... ولا بجل الذي أسديت من نعم

لكنه فعل شماخ فآتيه ... لدى عرابة إذ أدته للأطم

[يقول أحمد بن سليمان بن وهب] : فلما سمع عبيد الله هذا البيت، قال: ما معنى هذا؟ قال له ابن سليمان-وما كان لعبيد الله أدب بارع ولا رواية-: أعز الله الوزير إن الشماخ مدح عرابة الأوسي بقصيدة، فقال يخاطب فيها ناقته "إذا بلغتني وذكر البيت، فعاب عليه أبو نواس فقال [كامل] :

فإذا المطي بنا بلغن محمداً ... فظهورهن على الرجال حرام

قربننا من خير من وطي الحصي ... فلها علينا حرمة وذمام

فقال عبيد الله: "أبو نواس على صواب، والشماخ على خطأ" [يقول أحمد بن سليمان بن وهب] فقال له أيب: "قد أتى الوزير بالحق، وكذا قال عرابة الممدوح للشماخ، لما سمع هذين البيتين".

٩٢٩ قال محمد بن يزيد "ولم يعب في هذا المعنى قول عبد الله بن رواحة الأنصاري لما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد زيد، وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في جيش موته [وافر] :

إذا حملتني وحملت رحلي ... مسيرة أربع بعد الحساء

فشأنك فانعمي وخلاك ذم ... ولا أرجع إلى أهلي ورائي

قال أبو علي: فجزم هذا بالدعاء، وقوله: "لا" معناه: اللهم لا،

٩٣٠ أخبرني محمد بن يحيى قال أخبرنا أبو العيناء عن أبيه قال سمعت أبا نواس يقول: ما أحسن الشماخ حين يقول "إذا بلغتني" وذكر البيت ألا كما قال الفرزدق [وافر] :

على م تلفتين وأنت تحتي ... وخير الناس كلهم أمامي

متى تردي الرصافة تستريحي ... من الاتساع والدبر الدوام

<<  <   >  >>