للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوضعت رحلي فوق ناجية ... تقتات شحم سنامها الرمل

فأخذه أبو تمام فقال وزاد [طويل] :

فقد أكلوا منها الغوارب بالسرى ... فصارت لها أشباحهم كالغوارب

[هذا باب]

[الالتقاط والتلفيق]

٩٤٢ وهي ترقيع الألفاظ، وتلفيقها، واجتذاب الكلام من أبيات، حتى ينظم بيتاً.

[٩٤٣ فمن التلفيق قول يزيد بن الطثرية [طويل] :]

إذا ما رآني مقبلاً غض طرفه ... كأن شعاع الشمس دوني يقابله

فقوله "إذا ما رآني مقبلاً" من قول جميل [طويل] :

إذا ما رأوني طالعاً من ثنية ... يقولون من هذا؟ وقد عرفوني

وقوله "غض" طرفه" فمن قول جرير [وافر] :

فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعباً بلغت ولا كلاباً

وقوله "كأن شعاع الشمس دوني تقابله" فمن قول عنترة بن عكبرة الطائي [وافر] :

إذا أبصرتني أعرضت عني ... كأن الشمس من قبلي تدور

[٩٤٤ ومن الالتقاط والترقيع قول ابن هرمة [وافر] :]

كأنك لم تسر بجنوب خلص ... ولم تلمم على الطلل المحيل

التقطه، ولفقه من بيتين: أحدها قول جرير [وافر] :

كأنك لم تسر ببلاد نعم ... ولم تنظر بناظرة الخياما

فصدر بيت ابن هرمة، من صدر البيت، وعجزه من قول الكميت [وافر] :

ألم تلمم على الطلل المحيل ... بفيد وما بكاؤك بالطلول

فما يصنع في بيت ابن هرمة، مع هذين البيتين!؟

٩٤٥ وممن كان يرقع ويلفق مع سعة صدره، وغزارة بحره، أبو فما يصنع في بيت ابن هرمة، مع هذين البيتين!؟

[٩٤٥ وممن كان يرقع ويلفق مع سعة صدره، وغزارة بحره، أبو نواس، فمن ذلك قوله [طويل] :]

أشم طوال الساعدين كأنما ... يناط نجاداً سيفه بلواء

صدر هذا البيت مجتذب من قول المساور بن هند [طويل] :

أشم طوال الساعدين شمردل ... يكاد يساوي غارب الفحل غاربه

أومن قول زياد بن عبد الله بن قرة حيث يقول [طويل] :

أشم طوال الساعدين كأنما ... يناط إلى جذع طوال حمائله

وقوله "نجادا سيفه بلواء" من قول العنبري، وإلى معنى بيته ذهب، ولم يبلغه [طويل] :

فجاءت به عند العظام كأنما ... عمامته بين الرجال لواء

فإنما أراد بقوله "كأنما عمامته بين الرجال لواء" بأن عمامته تشبه الرمح.

[هذا باب]

[في نظم المنثور]

٩٤٦ قال أبو علي: ومن الشعراء المطبوعين طائفة تخفي السرق، تلبسه اعتماداً على منثور [الكلام] دون منظومه، واستراقاً للألفاظ الموجزة، والفقر الشريفة، والمواعظ الواقعة، والخطب البارعة.

٩٤٧ وأبو العتاهية ومحمود الوراق شديداً اللهج بذلك كثيراً في أشعارهما ولصالح بن عبد القدوس درر من ذلك إلا أنه لم يكثر إكثارهما.

٩٤٨ فمن تقدم هؤلاء، الأخطل، عمد إلى قول بعض اليونانيين "العشق شغل قلب فارغ" فنظمه فقال [طويل] :

وكن قتلت أروى بلادية لها ... وأروى لفراغ الرجال قتول

٩٤٩ وقال محمد بن سلام قال معاوية بن أبي سفيان "أكرام الشاعر من بر الوالدين" قال ابن سلام فقدم على أبي أيوب المكي شاعر من واسط، فمدحه، ونظم هذا الكلام فقال [خفيف] :

إن من بر والديك جميعاً ... إن توخى مسرة الشعراء

[٩٥٠ ومن بديع التشبيه قول العباس بن الأحنف [منسرح] :]

أحرم منكم بما أقول وقد ... نال به العاشقون من عشقوا

حتى كأني ذبالة نصبت ... تضيء للناس وهي تحترق

وإما انتظم به قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه "أنا لكم ذبالة تضيء وتحترق".

٩٥١ ويروى عن النبي أنه قال:"اليد العليا خير من اليد السفلى" فنظم أبو العتاهية بعض هذا اللفظ، وأخل ببعضه، فقال [سريع] :

إفرح بما تأتيه من طيب ... إن يد المعطي هي العليا

٩٥٢ وقال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- للقاسم بن محمد، ومحمد بن كعب القرظي: "عظاني" فقال محمد بن كعب القرظي "استيقن أنك أول خليفة يموت" وقال القاسم: "أبونا آدم أخرج من الجنة بذنب واحد" فنظم قول القاسم محمود الوراق فقال [كامل] :

تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي ... درك الجنان بها وفوز العابد

ونسيت أن الله أخرج آدماً ... منها إلى الدنيا بذنب واحد

<<  <   >  >>