للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٠٠٧ويقول شرحبيل التغلبي [طويل] :]

أبينا أبينا أن تغنوا بعامر ... كما قلتم زبان في مسك ثعلب

فديتكم عنه رجال شعارهم ... إذا ثوب الداعي ألا يال تغلب

يقول: أبينا أن تأسروه فتقولوا فيه شعراً يتغنى به كما قلتم في زبان حين انهزم: إنه أروغ من ثعلب. ولكن حاربنا عنه، ودببنا حتى استنفدناه.

[١٠٠٨وقال أوس بن حجر يحرض عمرو بن معد على بني سحيم يذكر أنهم قتلوا أباه [كامل] :]

نبئت أن بني سحيم أدخلوا ... أبياتهم تأمور نفس المنذر

نبئت أن دماً حراماً نلته ... فهريق في ثوب عليك محبر

التأمور: دم القلب. والعرب تقول "دم فلان في ثياب فلان" إذا كان قاتله وإنما يعني بثياب الرجل، نفسه. ومثله.

مات وفي برديه سبعون فارساً ... وعاد ومجداً في الكنائن باقياً

يعني في كنائنه دم نواصي الفرسان الذين أسرهم ومن عليهم وجز نواصيهم. ويريد ببرديه نفسه:

فلبئس ما كسب ابن عمرو رهطه ... شمر وكان بمسمع وبمنظر

إن كان ظني يا بن هند صادقي ... لا تحقنوها في السقاء الأوفر

حتى تلف نخيلهم وبيوتهم ... لهب كناصية الحصان الأشقر

من كلام العرب "حقنها في السقاء الأوفر" و"حتى تلف نخيلهم وبيوتهم لهب" فإنه لم يرد الحريق. وإن كان شبههم به. وقوله "كناصية الحصان الأشقر" يريد حرباً كالحريق تركها. ووصف اللهب.

[١٠٠٩كما قال في قصيدة أخرى [طويل] :]

فما جزعوا أنا نشد عليهم ... ولكن رأوا ناراً تحش وتشفع

[١٠١٠وقال ابن عبد العزى بن وديفة الرسي [منسرح] :]

تظنهم والسيوف هاوية ... يأخذن بين الأكتاف والكتد

حتى أضافوا اللوى كأنهم ... يرمون بالصخر من ذرى أحد

يقول: ضجوا من وقع السيوف فأجابهم الصدى من الجبال والأودية كما يجاب الساري يطلب القرى إذا عوى بالليل. فكأنهم أضافوا هذه المواضع.

[١٠١١وقال الآخر [طويل] :]

فغادره قيس ينوء بصدره ... كأن عليه أرجواناً مجللاً

شهيد به نجد الفوارس واسمه ... وهام إذا ما أظلم الليل ولولا

نجد الفوارس: شديدهم وقويهم، أي شهيد له بما فعل كل فارس نجد. واسمه إذا ذكر، استغنى بشهرته في الشجاعة عن تعديد ما فعل. وهام يعني الهام التي تزقو على قبور من قتل.

[١٠١٢وقال رجل من بني أسد [بسيط] :]

أرعت مراتع مدراها على وهل ... صنوين إن أفردا لم يرعيا أبدا

وشعشعت بالغراب الخمر وامتنعت ... من سر كل نجيد مشعر جلدا

واستبدلت من رياض الأرض معشبة ... ثوب الأمير الذي في حكمه قعدا

يصف امرأة قتل بعلها فجزت شعرها. وقوله "أرعت مراتع مدراها على وهل" يقول الشعر الذي تدريه بالمدرى. فكان كالمرتع له، بدلته صنوين. يعني مقراضين، وهما اللذان إن أفردا لم يصنع أحدهما شيئاً. والغراب ها هنا ضفيرة من ضفائر المرأة. كانت إذا مات زوجها أو قتل عنها وعزمت على أن لا تتزوج بعده، قامت تندبه، وغسلت تلك الضفيرة بخمر. فتلك علامتها. والسر: النكاح. والنجيد: القوي. والوهل: الفزع وقوله "واستبدلت من رياض الأرض ثوب الأمير" يعني أنها ألقت ثيابها المصبغات المطيبات التي تشبه الروض في ألوانه ونشره. ولبست ثوب الأمير: يعني السواد.

[١٠١٣أنشدنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد قال أنشدني أحمد بن يحيى ثعلب [كامل] :]

ألبست أثواب الفتاة سراتهم ... من بعد ما لبسوا ثياب الآئب

قال: قتلتهم فضرجتهم بالدم، وكأنى ألبستهم أثواب العروس وهي الفتاة لأنها مصبغات وقوله "ثياب الآئب" يعني داود عليه السلام لأنه آب من الخطيئة أي رجع، وثيابه الدروع.

[١٠١٤ومن مستحسن ما قيل في هذا المعنى قول ساعدة بن علي السعدي [طويل] :]

فأنت ابن هند يا ابن زيق وأمنا ... محضضة تأوى إليها المجاوس

لئن لم تصحبك المصائب غارة ... تبيت عليك الضبع وهي عرائس

محضضة: يعني أنها قد انحض شعرها. أي انجرد لكبرها. وهند: أم ابن زيق هذا الذي ذكر، فكأنه أقسم قسماً فقال: أنت ابن أمك ونحن بنو ثعلبة من الثعالب، إن لم نعزك ونفخر عليك، وقوله: "تبيت عليك الضبع وهي عرائس" يريد أن الرجل إذا سقط على وجهه، فإذا مضت ثلاثة أيام انقلب وانتفخ ذكره. فتجيء الضبع فتقع على ذكره.

<<  <   >  >>