للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذات غبرة بكر غير منظرة ... إلى النواصف من أوطانها الريف

والريف: موضع العمران والخصب. يعني خمراً وزقاً. والنواصف: التي قد آلت إلى أنصاف دنانها لعتقها وقدمها. والبكر: التي لم يشرب منها قبل. هذا قول ابن الأعرابي. وقال الأصمعي: لم ينظر إليها قط.

١١٥٦-كما قال الأخطل [بسيط] :

عذراء لم يجتل الخطاب بهجتها ... حتى اجتلاها عبادي بدينار

وقال بعضهم: ذهب بالدنانير. كما تقول كثر الدينار والدرهم في أيدي الناس. قال لم ينظر إليها قبل حتى جاء العبادي فاشتراها بدينار.

١١٥٧-

تنزو بها العجم في دكن مسعفة ... نزو الجنادب في أعناقها الصوف

بها: بهذه الخمرة والعجم: الفرس. والدكن: الزقاق، واحدها أدكن. والدن أيضاً أدكن، والمسعفة: التي عليها السعف من الخوص. وقال أبو العباس: الدكن والدهم، واحد. وقوله "في أعناقها الصوف" يريد الخيوط التي تشد بها الزقاق وهي العصم.

١١٥٨-وقال الكميت بن معروف الأسدي [بسيط] :

أيام ألحف مئزري عفر الملا ... وأغض كل مرجل ريان

يقول: أيام أجر ثوبي وأسحبه. والعفر: التراب. وأغض أي أنقص. وكل مرجل: يعني زقاً، قد يسلخ إهابه من إحدى رجليه و [قد] مليء خمراً.

١١٥٩-ومثله [وافر] :

رأيت مخنثاً فلثمت فاه ... فيا طيب المخنث من

يعني بالمخنث: زقاً مملوءا خمراً، شرب منه.

[١١٦٠وقال الأعشى [متقارب] :]

فقمنا ولم يصح ديك لنا ... إلى جونة عند حدادها

دراهمنا كلها جيد ... فلا تحسبنا بتناقدها

لقوم فكانوا هم المنقدين ... شرابهم قبل إنقاذها

الجونة: الخمرة السوداء إلى الحمرة. والحداد: البواب. وكل من منع شيئاً فهو حداد وجعل هذا الخمار حداداً لأنه يمنع عن الخمر. وقوله القوم فكانوا هم المنقدين "أراد قبل أن ينفذ فيهم السكر فتذهب عقولهم. وإنما أنث الشراب لأنه أراد الخمر.

[١١٦١ومما سئل عنه من أبيات أبي نواس قوله [منسرح] :]

أما ترى الشمس حلت الحملا ... وقام وزن الزمان فاعتدلا

وغنت الطير بعد عجمتها ... واستوفت الخمر حولها كملا

يريد استوفت قوتها، من قولك "الحول والقوة لله عز وجل" هذا قول المبرد. قال وسألت أبا عمر الجرمي فقال: أقوى ما تكون الخمر لدور السنة، فإذا زادت على ذلك رقت، وحسنت، وضعف أخذها. وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: الحول: التحويل. يريد أنها كانت إلى وقت الربيع عصيراً لا يطيب شربها، ثم تحولت في ذلك الوقت فصارت خمراً مشروبة. وقال أحمد بن أبي خيثمة الضمرى عن يحيى راوية أبي نواس أراد بأنها استوفت حولها منذ وقت أورق كرمها في الربيع، إلى أن أورق في السنة الثانية. وقال عبد الله بن مسلم بن قتيبة: الهاء في قوله "حولها" تعود على الشمس، لأنه إنما بدأ بذكرها فقال "أما ترى الشمس حلت الحملا" ثم ذكر الزمان والطير والخمر فقال واستوفت الخمر (حول) الشمس كاملاً. قال وهذا هو القول الذي لا يجوز غيره لأنه قد تقدم ذكرها. والكناية عنها أحسن.

[١١٦٢ومما سئل عنه من أبيات أبي نواس في الخمر قوله [طويل] :]

ألا سقني خمراً وقل لي هي الخمر ... ولا تسقني سراً إذا أمكن الجهر

يقول: إن الملاذ، إنما هي بالحواس الخمس. وهي النظر والشم واللمس والذوق والسماع. يقول قد حصلت الأربع منها فمتى تحصل الخمس؟

[١١٦٣ومما يسأل عنه من أبيات المحدثين قول مسلم [كامل] :]

سُلت وسُلت ثم سُل سَليلها ... فأتى سَليل سَليلها مسْلولا

لطف المزاج لها فزين كأسها ... بقلادة جعلت لها إكليلا

أراد سلت من المعصرة، ثم سلت من الدن، وسل سليلها: البول. هذا قول الباهلي، وقال أبو علي: والذي أراه أنها سلت من المعصرة ثم سلت من الدن ثم سلت من الكأس عند شربها. وقوله: جعلت لها إكليلا أي رفعها المزاج فكان الحباب لها كالقلادة فجعلها إكليلا لأنها في الرأس.

[١١٦٤ومثله قول أبي نواس [طويل] :]

فللخمر ما زرت عليه جنوبها ... وللماء ما دارت عليه القلانس

[أحسن ما ورد من أبيات المعاني في وصفه كتيبة]

[١١٦٥فمن أحسن ما قيل في ذلك ما أنشده أبو العباس أحمد بن يحيى [كامل] :]

لاذوا بأرعن مشمخر باذخ ... ما للأنوق تزوره متعلق

<<  <   >  >>