للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا دار در عليك إرهام الندى ... واهتز روضك في الثرى فترأدا

وكسيت من خلع الحيا مستأسدا ... أنفاً يغادر روضه مستأسدا

أو مثل قوله:

سرت تستجير الدمع خوف ندى غد ... وعاد قتاداً عندها كل مرقد

فأذرى لها الاشفاق دمعاً موردا ... من الدم يجري فوق خد مورد

-وقد أحسن حين ابتدأ فقال وافر:

نوار في صواحبها نوار ... كما فاجاك سرب أو صوار

يكذب حاسد فنأت قلوب ... أطاعت واشياً ونأت ديار

-وقوله كامل:

ما في وقوفك ساعة من باس ... تقضي ذمام الأربع الأدراس

فعل عينك أن تجود بمائها ... والدمع منه مغزل ومواس

-وقوله خفيف:

ما عهدنا كذا نحيب المشوق ... كيف آفة المعشوق

-وقوله كامل:

دمن الم بها فقال سلام ... كم حل عقدة صبره الألمام

ومن اقتضاباته العجيبة قوله طويل:

لهان علينا أن نقول وتفعلا ... ونذكر بعض القول منك وتفضلا

-ومن قوله أيضاً مقتضياً كامل:

ألحق أبلج والسيوف عوار ... فحذار من أسد العرين حذار

ومما تقدم فيه كل أحد، في حسن التخلص إلى المدح قوله بسيط:

إساءة الحادثات استبطي نفقاً ... فقد أظنك إحسان بن حسان

-وقوله طويل:

إذا العيس لاقت بي أبا دلف فقد ... تقطه ما بيني وبين النوائب

-وقوله بسيط:

لم يجتمع قط في مصر ولا طرف ... محمد بن أبي مروان والنوب

-وقوله، المنقطع ونه كل أحد في هذا المعنى كاملي:

إن الذي خلق الخلائق قاتها ... أقواتها لتصرف الأحراس

فالأرض، معروف السماء قرى لها ... وبنو الرجاء لهم بنو العباس

القوم ظل الله اسكن دينه ... فيهم وهم جبل الملوك الراسي

-وقوله أيضاً كامل:

عامي وعام العيس بين وديقة ... مسجورة وتنوفة صهيود

حتى أغادر كل يوم بالفلا ... للطير عيداً من بنات العيد

هيهات منها روضة محمودة ... حتى تحل بأحمد المحمود

بمعرس العرب الذي وجدت به ... أمن المروع وعصرة المنجود

-ومن أبدع ابتداءاته قوله كامل:

أسقى طلولهم أجش هزيم ... وعددت عليهم نضرة ونعيم

جادت معاهدهم عهاد سحابة ... ما عهدها عند الديار ذميم

ثم تخلص إلى المدح فقال -وأحسن كل الإحسان:

لا والذي هو عالم أن النوى ... صبر وأن أبا الحسين كريم

ما زلت عن سنن الوداد ولا غدت ... نفسي على إلف سواك تحوم

ثم عاد إلى المدح فقال:

لمحمد بن الهيثم بن شبانة ... مجد إلى جنب السماك مقيم

ملك إذا نسب الندى من ملتقى ... طرفيه، فهو له أخ وحميم

-وأبو تمام الذي وصف القوافي، بما لا يستطيع أحد وصفها بمثله فقال طويل:

فإن أنا لم يحمدك عني صاغراً ... عدوك، فاعلم أنني غير حامد

بسياحة تنساق من غير سائق ... وتنقاد في الآفاق من غير قائد

محببة ما إن تزال ترى لها ... إلى كل أفق وافداً غير وافد

-وهو الذي قال أيضاً كامل:

جاءتك من نظم اللسان قصيدة ... سمطان فيها اللؤلؤ المكنون

إنسية وحشية كثرت بها ... حركات أهل الأرض وهي سكون

ينبوعها خضل، وحلي قريضها ... حلي الهدى ونسيجها موضوم

أما المعاني فهي أبكار إذا ... نضت، ولكن القوافي عون

-وقال أيضاً وأبدع في وصفها كامل:

لم تلق حلية منطق إلا وقد ... سبقت سوابقها إليك جيادي

أبقين في أعناق مجدك جواهراً ... أبقى من الأطواق في الأجياد

فهل يستطيع أحد أن ينسب هذا، إلى شيء من السرق والاحتذاء؟ وهل يستطيع مماثلته بشيء من أشعار البحتري؟ وأشعار المحدثين في عصره أو قبله، فعيي عن الجواب، قصوراً عن الحجة، واحجم إحجام عاجز عن المساجلة وحكمت لي الجماعة عليه بالفلج والغلبة ولم ينصرف من المجلس حتى اعترف بتقديم أبي تمام على جميع المحدثين، في صنعة البديع، واختراع المعاني.

وكان يوماً مشهوداً.

[١٨٨ ومن بديع الخروج قول علي بن الجهم طويل:]

وسائرة ترتاد أرضاً تجودها ... شغلت بها عيناً قليلاً هجودها

أتتنا بها ريح الصبا فكأنها ... فتاة تزجيها عجوز تقودها

<<  <   >  >>