للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأحسن منها يوم قالت ألا ترى ... تبدل خليل، إنني متبدله

فما أعجبته، وهي تقول هذه المقالة، إلا وهو أحمق، قال: والبيتان: الأول أخنث ما قيل، والآخران أحمق ما قيل.

٥٤٣ أخبرني أبو أحمد عيسى بن عبد العزيز الطاهري قال أخبرنا محمد بن زكرياء القلابي عمن ذكره، قال: قال رجل من قيس عيلان لرجل من ربيعة: "صاحبكم الأعشى مخنث، حيث يقول بسيط:

قالت هريرة لما جئت زائرها ... ويلي عليك، وويلي منك يا رجل

والله ما خرج هذا إلا من فك مخنث" فقال له الربيعي: بل صاحبكم النابغة حيث يقول كامل:

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته اتقتنا باليد

قال: لا والله، ما أحسن هذه الإشارة إلا مخنث.

[٥٤٤ قال أبو علي: أخذ "سقط النصيف ولم ترد إسقاطه" أبو حية النميري فقال طويل:]

فردت قناعاً دونه الشمس واتقت ... بأحسن موصولين: كف ومعصم

[أخلب بيت قالته العرب]

٥٤٥ قال أبو علي: اختلفوا في ذلك، فزعم خلف الأحمر أن أخلب بيت قالته العرب، أبيات زهير طويل:

تراه إذا ما جئته متهللاً ... كأنك معطيه الذي أنت سائله

أخو ثقة لا تذهب الخمر ماله ... ولكنه قد يذهب المال نائله

غدوت عليه غدوة فوجدته ... قعودا لديه بالصريم عوادله

يفدينه طوراً وطوراً يلمنه ... وأعيا فما يدرين أين مخالقه

فأعرضن منه هن طريم مرز ... جموع على الأمر الذي هو فاعله

[٥٤٦ وقال قوم: بل قول طفيل الغنوي طويل:]

جزى الله عنا جعفرا حين أزلقت ... بنا تعلنا في الواطئين فزت

أبو أن يملونا ولو أن أمنا ... تلاقي الذي لا قوة منا لملت

[٥٤٧ وقال الأصمعي: بل قول حمزة بن بيض منسر:]

تقول لي والعيون هاجعة ... أقم علينا يوماً فلم أقم

أي الوجوه انتجعت؟ قلت لها ... هذا أي وجه إلا إلى الحكم

متى يقل حاجبا سرادقه ... هذا ابن بيض بالباب يبتسك

قد كنت أسلمت فيك متقبلاً ... فهات إذ حل فاعطني سلمى

أسلمت: أسلفت، والسلم: السلف: قوله "هذا ابن بيض بالباب يبتسم" ينظر إلى قول زهير "تراه إذا ما جئته متهللاً" البيت ينظر إلأى قول امرئ القيس -وهو أول من نطق بهذا المعنى طويل:

سماحة ذا، وبردا، ووفاء ذا ... ونائل ذا، إذا صحا، وإذا سكر

ثم تداولته الشعراء فقال عنترة كامل:

إذا شربت فإنني مستهلك ... مالي، وعرضي وافر لم يكلم

وإذا صحوت فما أقصر عن ندى ... وكما علمت شمائلي وتكرمي

وقد أحسن لولا أنه أتى بالمعنى في بيتين اقتصر الأول منهما دليلاً٧٤ على الثاني "كما علمت شمائلي وتكرمي" مأخوذ من قول امرئ القيس، وهو أول من نطق به كامل:

وشمائلي ما قد علمت وما نبحت ... كلابك طارقا مثلي

فأما قول طرفة رمل:

وإذا ما شربوها وانتشوا ... وهبوا كل أمون وطمر

فهذا ضعيف من جهة الشرط للعطاء، بالكسر والشرب، وعلى هذا أيضاً عيب قول حسان وافر:

ونشربها فتتركنا ملوكاً ... وأسداً ما ينهنهنا اللقاء

فأما قول أبي نواس طويل:

فتى لا يلوك الخمر شحمة ماله ... ولكن إياد عود وبواد

فعلى المذهب الأول، إلا أن "شحمة ماله" غثة الاستعارة، مستهجنة العبارة، وتلا هؤلاء البحتري على قلة إحسانه فقال "ويل:

تكرمت من قبل الكؤوس عليهم ... فما استطعن أن يحدثن فيك تكرما

٥٤٨ وأخبرنا أبو أحمد عيسى بن عبد العزيز الطاهري قال: أخبرنا الدمشقي عن الزبير بن بكار قال: أخبرني النضر بن شميل قال: دخلت على المأمون بمرو ذات يوم وعلى إطمار مخلقة، فقال: أتدخل على الخليفة في مثل هذه الأطمار؟ فقلت: إن حر مرو، ولا يدفع إلا بهذه الأخلاق، ورب مملول لا يستطاع فراقه، قال: ولكنك متقشف، ثم تجاذبنا الحديث.

<<  <   >  >>