للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥٧٤ فعمد بعض الشاميين المتأخرين إلى هذا المعنى، فتناوله وأورده في أبيات مطبوعة، مصنوعة، سهلة، جزلة، لميقصر به تأخر عصره، عن اللحاق بمن تقدمه فقال طويل:

وليل وصلنا بين قطريه بالسري ... وقد جد شوق مطمع في وصالك

أرأيت علينا من دجاه حنادس ... أعدن الطريق النهج وعر المسالك

فناديت: يا أسماء باسمك فانجلت ... وأسفر منها كل أسود حالك

بنا أنت من هاد نجوناً بذكره ... وقد نشبت فينا أكف المهالك

منحتك إخلاصي وأصفيتك الهوى ... وإن كنت لم تخطريني ببالك

[٥٧٥ وما أحسن ما قال القطامي طويل:]

ذكرتكم يوماً فنور ذكركم ... دجى الليل حتى أنجاب عناديا جره

فوالله ما أدري أضوء مسخر ... لذكراكم أو سخر الليل ساخره

[٥٧٦ وإلى هذا ذهب محمد بن مناذر بقوله منسرح:]

لما ذكرنا هارون صار لنا ال ... ليل نهاراً بذكر هارونا

[باب]

ويتصل بهذا الباب ما أنا ذاكره:

[من أحسن ما قيل في إضاءة وجوه الممدوحين وأحسابهم]

وتمزق جلابيب الظلام دون وافديهم وزوارهم

[٥٧٧ فأول من افترع هذا المعنى، أبو الطحان القيني بقوله طويل:]

وإني من القوم الذي هم هم ... إذا مات منهم سيد قام صاحبه

نجوم سماء كلما انقض كوكب ... بدا كوكب تأوي إليه كواكبه

أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم ... دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه

وما زال منهم حيث كانوا مسود ... تسير المنايا حيث سارت ركائبه

[٥٧٨ فقال قيس بن الخطيم فأحسن في وصف امرأة منسرح:]

قضى لها حين صورها ال ... خالق ألا تكنها السدق

[٥٧٩ فاهتدم هذا البيت أعرابي، فبناه بناء آخر فقال منسرح:]

من ذكر خود قضى لها الملك ال ... خالق ألا تجنها ظلمه

[٥٨٠ واحتذى بيت أبي الطمحان خارجة بن فليح الملي فقال بسيط:]

آل الزبير نجوم يستضاء بهم ... أذا احتبا الليل في ظلائه زهروا

قوم إذا شومسوا لج الشماس بهم ... ذات اليمين وإذا ياسرتهم يسروا

[٥٨١ وقال الحطيئة وأحسن وتقدم بسيط:]

نمشي على ضوء أحساب أضأن لنا ... كما أضأت نجوم الليل للساري

وأورد المعنى في عبارة أخرى وفق فيها فقال وافر:

هم القوم الذين إذا ألمت ... من الأيام مظلمة أضاءوا

فلو أن السماء دنت لمجد ... ومكرمة، دنت لهم السماء

هم حلوا من الشرف المعلى ... ومن كرم العشيرة حيث شاءوا

[٥٨٢ فقال بعض المتقدمين طويل:]

إذا أشرفت في جنح ليل وجوههم ... كفوا خابط الظلماء ضوء المصابح

وإن ناب خطب أو ألمت ملمة ... فكم تم من جراح وجارح

٥٨٣ قال أبو علي: وقد أكثر الناس في هذا المعنى، ويعجبني كل الإعجاب قول أبي بذيل الوضاح بن محمد التميمي يمدح المستعين، فإنه أبدع ومتع وبرع طويل:

وقائلة والليل قد نشر الدجى ... فغشى به ما بين سهل وقردد

أرى بارقاً يبدو من الجوسق الذي ... به حل ميراث النبي محمد

فظل عذارى الجزع ينظمن تحته ... ظفاريه الجزع الذي لم يصرد

فقلت هو البدر الذي تعرفينه ... إلا يكن فالنور من وجه أحمد

[أحسن ما قيل في حسن الجوار]

٥٨٤ أنشدنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد قال: أنشدنا أحمد بن يحيى عن أبي نضر عن الأصمعي قال أحسن ما قيل في حسن الجوار:

جاورت شيبان فاحلوا لي جوارهم ... ............... للجار

قوم يهينون كوم الجزر بينهم ... أما الفراء فظلن موقد النار

٥٨٥ أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: إن محمد بن قتيبة قال: حدثني الخشعمي الشاعر قال أحسن ما قيل في حسن الجوار قول الشاعر سريع:

نارى ونار الجار واحدة ... وإليه قبلي تنزل القدر

ما ضر جاراً لي أجاوره ... أن لا يكون لبابه ستر

٥٨٦ أخبرنا أبو عبيد الله الحكيمي قال: أخبرنا يموت بن المزرع قال: أخبرنا محمد بن حميد اليشكري قال أخبرنا ابن معاذ قال: تذاكر أهل البصر من ذوي الأحساب أحسن ما قاله المولودن في حسن الجوار من غير تعسف ولا تكلف ولا تعجرف، فأجمعوا على بيتين لأبي الهندي، وهما طويل:

<<  <   >  >>