للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد كنت لي حصناً من الدهر مانعاً ... ويطلب خوفاً أن يسألني الدهر

وقد كنت استعفى ألا له إذا اشتكى ... من الأجر لي فيه وإن سرني الأجر

[٦٧٧ قال أبو علي فأخذ هذا ديك الجن فقال طويل:]

أأسعى لأحظى منك بالأجر إنه ... لسعى إذا مني إلى الله خائب

[٦٧٨ وقال أبو هفان: قول امرأ نهار بن توسعة كامل:]

غتبان قد كنت امرأ لي جانب ... حتى رزيتك والجدود تضعضع

قد كنت أشوس في المقامة سادراً ... فنظرت قصدي واستقام الأخدع

فلمن أقول إذا تلم ملمة.. ... أرني برأيك أم إلى من أفزع

[أحسن ما قيل في الحساد والدعاء لهم بالكثرة]

٦٧٩ أخبرني علي بن هرون قال أخبرني يحيى بن علي قال أخبرني أبو هفان قال أشعر أبيات قيلت في الحساد والدعاء لهم بالكثرة، أربعة، فأولها قول الحبيب بن معروف بسيط:

يحسدوني فإني غير لائمهم قبلي ... من الناس أهل الفضل قد حسدوا

فدام لي ولهم ما بي وما بهم ... ومات أكثرنا غيظاً بما يجد

لا ينقص الله حسادي فإنه ... أسر عندي من اللائي لها الودد

وثانيها ما قال عروة بن أذينة بسيط:

إني رأيتهم في كل منزلة ... أجل فقداً من اللائي يحبونني

ثالثها وقول نصر بن سيار بسيط:

إني نشأت وحسادي لهم عد ... يا ذا المعارج لا تنقص لهم عدداً

رابعها وقول معن بن زائدة بسيط:

إني حسدت فزاد الله في حسدي ... لا عاش من عاش يوماً غير محسود

ما يحسد المرء إلا من فضائله ... بالعلم والظرف أو بالبأس والجود

٦٨٠ أخبرني محمد بن يحيى قال أخبرني عون بن محمد الكندي قال: قال لي أبو تمام: لم يقل في الدعاء للحساد ووصف فضل المحسود أحسن من قول زهير، وهو أول من تكلم به بسيط:

لو كان يقعد فوق النجم من كرم ... قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا

محسدون على ما كان من كرم ... لا ينزع الله عنهم ماله حسدوا

[٦٨١ قال أبو تمام: وعندي أني ما قصرت في قولي كامل:]

وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود

لولا اشتعال النار فيها جاورت ... ما كان يعرف طيب عرف العود

٦٨٢ قال أبو علي: البيت الثاني من هذين البيتين من المعاني العقم التي لم تفترع قبل أبي تمام، ولو تولدت لأحد بعده ولا يقول شاعر آخر أبعد من مراده، على متعاطيه وقد زعم لا علم لهم بمكامن الأشعار، ولا تثقفوا بما في المعاني، منهم القاسم بن مهرويه، بأن أبا تمام لم يسبق إلى معنى ابتكره، إلا ثلاثة معان، أحدها هذا المعنى، والثاني قوله طويلك

بني مالك قد نبهت خامل الثرى ... قبور لكم مستشرفات المعالم

غوامض قيد الكف من متناول ... وفيا علا، يرتقى بالسلالم

والمعنى الثالث قوله كامل:

تأبى على التصريد إلا نائلاً ... إن لم يكن محضاً قراحاً يمذق

نزراً كما استكرهت عائر نفحة ... من فأرة المسك التي لا تفتق

ولا أعد له من بين هذه المعاني الثلاثة، ولا أعلم أحداً أحسن شعراً في الثالثة الأخيرة منه، ولا أكثر رقة فإنه قال بسيط:

تنيل نزراً قليلاً وهي مشفقة ... كما يخاف مسيس الحبة الفرق

[٦٨٣ فأخذه شاعر آخر فأفسده فقال طويل:]

في ثناء ورقة ... كما مس ظهر الحية المتخوف

[أحسن ما قيل في وصف الصديق المكاشر]

٦٨٤ أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين القرشي قال: أخبرني الحرمي ابن أبي العلاء عن السيري عن ابن عائشة قال: لا أعرف في وصف الصديق المكاشر أحسن من قول عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر رحمهم الله بسيط:

لا خير في الود ممن لا تزال له ... مستشعراً أبداً ن خيفة وجلاً

إذا تغيبت لم تبرح تسيء به ... ظناً وتسأل عما قال أو فعلاً

يورى الصديق بأدغال مكاشرة ... كيما يقول بها يوماً إذا غفلاً

فلا عداوته تبدو فتعرفها ... منه ولا وده يوماً إذا اعتدلا

[٦٧٥ وقد نظر في هذا البيت إلى قول سويد بن أبي كاهل رمل:]

ويحييني إذا لاقيته ... وإذا يخلو له لحمى رتع

أبدع ما وصفت به خطيئة أعظم أمرها

<<  <   >  >>