للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سماجةٌ غنيت منا العيونُ بها ... عن كلّ حسنٍ بدا أو منظرٍ عجب

وحسنُ منقلبٍ تبدو عواقبه ... جاءت بشاشته عن سوء منقلب

لم يعلم الكفرُ كمُ من أعصر كمنت ... له المنية بين السمرِ والقضب

تدبيرُ معتصم بالله منتقمٍ ... لله مرتقبٍ في الله مرتهب

ومطعمَ النصرِ لم تكهم أسنته ... يوماً ولا حجبت عن روح محتجب

لم يغزُ قوماً ولم ينهض إلى بلد ... إلاّ تقدمه جيشٌ من الرعب

لو لم يقد جحفلاً يومَ الوغى لغدا ... من نفسه وحدها في جحفل لجب

رمى بك الله برجيها فهدمها ... ولو رمى بك غيرُ الله لم تصب

من بعدِ ما أشبَّوها واثقينَ بها ... والله مفتاحُ باب المعقل الأشب

وقال ذو أمرهم لا مرتعٌ صددٌ ... للسارحينَ وليس الورد من كثب

أمانياً سلبتهم نجحَ هاجسها ... ظبي السيوف وأطرافُ القنا السلب

إن الحِمامين من بيضٍ ومن سمرٍ ... دلوا الحياتينِ من ماءٍ ومن عشب

لبيتَ صوتاً زبطرياً هرقتَ له ... كأسَ الكرى ورضابَ الخرَّدِ العرب

عداكَ حرَُ الثغورِ المستضامة عن ... برد الثغورِ وعن سلسالها الخصب

أجبته معلناً بالسيفِ منصلتاً ... ولو أجبتَ بغير السيف لم تجب

حتى تركتَ عمود الشرك منقعراً ... ولم تعرّج على الأوتاد والطنب

لّما رأى الحربَ رأي العين توفلسٌ ... والحربُ مشتقة المعنى من الحرب

غدا يصرّفٌ الأموال جريتها ... فعزَّهُ البحرُ والتيار ذو العبب

هيهات زعزعت الأرض الوقور به ... عن غزو محتسبٍ لا غزو مكتسب

لم ينفقِ الذهب المربي بكثرتهِ ... على الحصى وبه فقرٌ إلى الذهب

إنَّ الأسود أسودِ الغاب همتها ... يومَ الكريهة في المسلوب لا السلب

ولَّى وقد ألجمَ الخطيُّ منطقه ... بسكته تحتها الاحشاءُ في صخب

أحسى قرابينهُ صرفُ الردى ومضى ... يحثُّ أنجى مطاياه من الهرب

موكلاً بيفاعِ الأرض يُشرِفه ... من خفة الخوفِ لا من خفة الطرب

إن يعدُ من حرها عدوَ الظليم فقد ... أوسعتَ جاحمها من كثرة الحطب

تسعونَ ألفاً كآساد الشرى نضجت ... جلودهم قبل نضوج التين والعنب

يا ربَّ حوباءَ لما اجتُث دابرهم ... طابت ولو ضخمت بالمسك لم تطب

ومغضبٍ رجعت بيض السيوف بهِ ... حيَّ الرضى من دارهم ميت الغضب

والحربُ قائمة في مأزقٍ لججٍ ... تجثو الرجالُ به صغراً على الركب

كم نيل تحتَ سناها من سنى قمرٍ ... وتحتَ عارضها من عارض شنب

كم كان في قطع أسباب الرقاب بها ... إلى المخدرةِ العذراء من سبب

بيضٌ إذا انتضبت من حجبها رجعت ... أحقَّ بالبيضِ أبداناً من الحجب

خليفةَ الله جازى الله سعيك عن ... جرثومةِ الدين والإسلام والحسب

بصرتّ بالراحة الكبرى فلم ترها ... تُنال إلا على جسرٍ من التعب

إن كان بين صروفِ الدهر من رحم ... موصولةٍ أو ذمامٍ غير منقضب

فبين أيامك اللاتي نُصرت بها ... وبين أيامِ بدر أقرب النسب

أبقيت بني الأصفرِ الممراضِ كاسمِهِم ... صفرَ الوجوهِ وجلّت أوجه العرب

[وقال يمدح محمد بن عبد الملك الزيات]

ديمةٌ سمحةُ القيادِ سكوبُ ... مستغيثٌ بها الثرى المكروب

لو سعت بقعةٌ لإعظام نعمى ... لسعى نحوَها المكانُ الجديب

لذَّ شؤبوبها وطابَ فلو تس ... طيع قامت فعانقتها القلوب

فهي ماءٌ يجري وماءٌ يليه ... وعزالٍ تّنشا وأخرى تذوب

كشفَ الروضُ رأسه واستسرَّ ... المحل منها كما استسرَّ المريب

أيها الغيثُ حيّ أهلاً بمغدا ... ك وعند السرى وحين تؤوب

لأبي جعفر خلائق تحكيهنَّ ... قد يشبه النجيب النجيب

أنت فينا في ذا الأوان غريب ... وهوفينا في كلِّ وقت غريب

ضاحكٌ في نوائب الدهر طلقٌ ... وملوكٌ يبكون حين تنوب

فإذا الخطب طالَ نالَ الندى ... والبذل منه مالا تنالُ الخطوب

خُلُقُ مشرقٌ ورأي حسامٌ ... ووادٌ عذب وريح جنوب

كلّ يوم له وكل أوانِ ... خُلُقٌ ضاحك ومال كئيب

<<  <   >  >>